الأحد، 23 أكتوبر 2011

كانت القرود تحكمنا !


كانت القرود تحكمنا !

عن جدتي و ( خرافة  ) الليل : بعضنا يهرب من حياته ,و بعضنا يضحك ساخراً منها, والبعض الآخر يفكر في نهاية سقوطه من أحداثها .
جدتي لم تقل هذا الكلام ,وأنا لم أسمعه لكنني رأيته بأم عيني .. هنا في الوطن وفي تونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا – مع الغموض الذي يصارعني حول أحداث الأخيرة -  بدأت الخرافة حين سقط القرد من أعلى شجرة الموز .. سقط ليمسك بالموزة ويهديها أميرته ... لكنه مات !
لم تغتاله أفعى الكوبرا في الغابات الكثيفة ,ولم ينهش لحمه ذئب هارب أو ثعلب ماكر  .. بل مزقته الأسود بلا مكر أو خبث , لم تعامله كخائن أو جرذ أو قط أو نملة .. عاملته بما يستحق تماماً , فكما طعنها يوم أن صار أمير القرود طعنته , و كما لكمها يوم أن قيدها لكمته , و كما خطف كل الأشياء الجميلة من حياتها أصرت على خطف عمره من تحت الكنوز والأموال .. يتساءل البعض كيف لقردٍ أن يملك ورقة دينار وهو يعيش على الموز فقط ؟!
أجيبكم أنا .. وكيف للنملة أن تعيش على فتات قطعة خبزٍ يابسة - مع احترامي الشديد للنملة المثابرة -  ؟ وكيف للقط أن يعيش على عظام الأسماك بعد أن نلقيها في القمامة ؟ إنها عملية سهلة .. فهؤلاء يختارون العيش متسلقين على بقايا البشر لا يهمهم إن كان هذا البشر أسود أو أبيض .. فقير أو غني .. كل همهم سد رمق الجوع فقط ,فهم يحترمون أنفسهم كحيوانات خلقهم الله وقدر لهم أن يكونوا هكذا , أما  القرود  فهي تقلدنا نحن بني البشر في تصرفاتنا وفي مشاعرنا لذلك تسقط جثة هامدة حين يأتيها الموت على غفلة منها  , لأنها لا تقدر ولا تعي أن الله منح الإنسان أجمل وأرقى وأفضل الحواس ليفكر ويقرر ويختار ما يراه صواباً و يساهم في بناء مجتمعه نحو الأفضل , نحو مجتمع إنساني خالص حُر ,حتى وإن كلفه  ذلك الموت ,وتقديم الأرواح مقابل كسر قيد واحد  .. لا لأجل موزة فقط  كما يفعل القرود !
من سقط من قرود البشر سقط لأجل دينار  أو دولار حسب عملته .. المسكين لم يكن يعلم أن النهاية  ستكون " سقوط أبدي"  . وما أتعس أن تسقط من القلب إلى القاع بلا سابق إنذار يجعلك تُفكر في أن تنزع جلدك الخشن وتستبدله بجلدٍ ناعم يليق بإنسانيتك ! , فهذه المرة لن تكون هناك قردة في انتظار دينارك أو دولارك  . فالحب لا يجدي نفعاً بين قرد فضل الموت لأجل قردة تنتظر الدنانير عقداً ترتديه في حفلة خاصة لوحوش الغابات , تفتخر بأن قردها الجميل مص الدماء ليأتيها بعقدها الثمين . في يوم وليلة لم تتوقع أن تكون نهاتيها مع أميرها القرد على يد أسد و صفعة لبؤة قيدتهما مع قردها سنوات طويلة  في ساحات الجوع والفقر و التخلف ..
ها هي أجراس الزمن تدق معلنة أن جميع القرود سقطت من أعلى الشجرة إلى القاع  في تسلسل زمني غريب .. يُذكرني بأن التاريخ كما القانون لا يحمي المغفلين  من أشباه البشر !


....
وداعاً أنيس منصور ..
 أقلبُ كتبي بحثاً عنك .. بالرغم من اختلافي معك في بعض الأفكار إلا أنني من ركب الفاقدين لقلمك الشيق ..
رحمكَ الله ..