الجمعة، 27 مارس 2009


كوريا أملها الوحيد ..!
(يا رب ارحم من رأسماله الرجاء وسلاحهُ البكاء )



شدت رحالها .. بعد دهر من الألم .. جاءتنا في مساء الاثنين منكسرة .. كانت تتحدث عنه وكأنها تتحدث عن روحها ..
لم أستطع تحمل موقفها .. كانت أشبه بالوردة الذابلة التي بدأت أوراقها تسقط واحدة تلو الأخرى .. كانت عُطشى لشفائه , لم تفكر في عطشها هي .. في احتياجها إلى بعض من الراحة لكونها تعود يومياً من مستشفى السلمانية إلى القرية سيراً على الأقدام !!..أبداً لم تفكر بذلك بل كانت تفكر في سفره هو .. الطائرة .. الأجهزة .. الطبيب .. وحالته الصحية .. فمن البحرين إلى كوريا طريق طويل ويبدو أخطر بكثير من المرض نفسه عليه .. و(لو) بنت لها فرضيات وأفكار تلونت بالخوف مما سيحدث ..( لو ركبنا الطائرة ومات! لو وصلنا ومات! .. ماذا سأفعل ؟؟! هكذا كان تفكيرها)..!!
أختي التي لم تفارقها منذ إسلامها و استقرارها في قريتنا كانت تحاول التخفيف عنها .. بكلمة .. بابتسامة ... هي لثانية تبتسم ولساعة تغرق في حزنها .. كانت خجلة مما ستطلبه من أختي .. ( أريد جلب أغراضي إليكم.. سفري سيطول مع علي)!
لم يكن طلباً ثقيلاً أبداً .. بل كان مؤلماً .. وأشد ألماً علينا من أيّ شيءْ .. أخذَتْ في اليوم التالي تجمع وتلم أغراضها لتعلن شد الرحال .. كان منظرها يقطع القلوب .. ( غربة ومرض .. وبلاء ووحدة) .. من منا يستطيع أن يحتفظ بذرة من صبره وقواه في هذه اللحظات الصعبة .؟!
اليوم الجمعة .. الساعة الخامسة مساءً ستحلق طائرتها إلى كوريا أملها الأخير في شفاء علي .. الزوج .. الحبيب بالنسبة لها !!
لا أخفي عليكم .. البارحة لم أغمض جفني إلا والدموع أغرقت عيني !! تذكرت بدايتها معنا .. ربما ابتسمت .. لكنني غرقت في الحزن .. فكلما تذكرت كلام عيونها أحسست بموج قوي يحطم ما بداخلي .. ومع ذلك .. أملي بالحسين كما هو أملها .. يكفي ما رأيته في منامي منذ أيام! ربي لا تجعله حلماً يتسلل فيهرب من أملي .. !
حتى آخر لحظة .. بعدد قطرات المطر .. لا تحرمها منهُ ولا تحرمهُ منها ..!

السبت، 21 مارس 2009

آدم الأقرب لحواء دائماً..!


آدم .. الأقرب لحواء دائماً ..!



امم .. فكرت في شيء ما يلهيني عن ما أشعر به من ألم يعتري إحساسي .. ربما كنت متضايقة مما سمعت ورأيت .. وربما كنت أشعر ببعدي عن أحبابي وأقربائي .. لا أعلم بالتفصيل ما كنت أشعر به .. ولا أريد أن أعلم ..!لكن ما زاد ألمي هو (فاطمة اليابانية) أتتنا تذرف حزنها على روحها (زوجها علي) .. كانت تبكي بصمت قاتل .. تلفظ أنفاس الأمل الأخير بين شفتيها .. يحاكينا قلبها ... أظن نبضها كان يتحدث بحب عن دمه هو .. وأظن رمش عينيها كان يواسي بعضه البعض في كل ثانية ... وأظن أن أصابعها تبحث عن من يضمها .. يااه ..
سألتها : فاطمة .. علي زين ..؟
أجابني قلبها : لا لا علي مو زين .. مو زين ..
ناظرتها .. فناظرت هي السماء ..
وقلت وأنا أعلم بأن كلامي لا شيء .. فآدم يعادل الروح : فاطمة .. إمام حسين ..
هي تفهمني .. فقط لمجرد ذكره عليه السلام .. تفهم بأن الدعاء والتوسل به إلى الله يكفي لقضاء الحاجات .. يكفي .. فهو من أخذ بيدهما إلى حيث الحياة .. !
وصلنا إلى مستشفى السلمانية حيث كنا في طريقنا لإيصالها ..
ناظرتنا وهي تبحث عنه : (علي مو زين )..
لا لا لم تكن تبحث عنه .. بل كانت تبحث عن يديه .. عن إحساسه ... عن روحه .. أيعقل أن تلقاه على سرير أبيض وهو في دنيا لونتها هي بلون أحب إليهما .. ؟!
كنت أعلم بأنها وبعد اتصال الأطباء ذاهبة لأن تودعه حيث الأمل الأخير ..
( علي في حالة خطرة ويحتاج إلى عناية خاصة ومركزة) .. هذا ما ورد في الاتصال ..
ورغم ذلك تحاول هي كتم ألمها .. تحاول وتحاول .. تفشل في المرة الأولى لكنها سرعان ما تقوى وتعود ..


(فاطمة اليابانية )
يابانية الأصل .. قد أسلمت منذ 4 أشهر تقريباً وهي الآن في رحاب المذهب الشيعي ..


ما للحب من معنى ..!


( الحب وحدهُ يحطمنا .. وحده يحيينا .. وحده يحقق آمالنا .. وحدهُ يجرحنا .. وحده يداوينا .. هكذا هو .. وهكذا نحن .. منا الأعمى ومنا الأخرس ومنا الأقوى .. هي كانت تعشقه بصدق منذ زمن طويل .. قبل إسلامها .. وهو كذلك .. شاءت أقدار الحب أن تجمعهما تحت سقف الحياة الحقيقية زوجان .. ودعا الشرك .. ودعا الظلام .. فاحتضنهما النور الأسمى والأكمل .. وشاءت الأقدار أن يبتلى هو بعد زواجهما بشهرين بمرض (التهاب الكبد الوبائي) .. وشاءت الأقدار أيضاً أن تثبت هي حبها له .. فتصبر .. وتصبر .. ابتعدت عن أهلها .. وجالت في أرض الحسين .. حتى لقته في أحلامها .. وأصبحت ترويها لنا .. لنحلق معها .. وكأننا لا نعرف الحسين ..!
لأحلامها حكايات وروايات .. أظن أن قلمي يخشى تدوينها لا لشيء ما .. بل لأنها أعظم من أن تدون على ورق أبيض للحياة حق أن تعبث به )..!