الاثنين، 12 مايو 2008



نحترمهم وإن اختلفوا ...!



ابتسامة الخبث ترسمُ نفسها على شفتي الزمن ...ضحكات القدر تعلو لترنَ في أذنيه ...يقلبُ ملفاتهُ التالفة ..المغبرة ...العاجزة عن حماية نفسها من غبار الزمان ......يناظرُ جدار غرفته ..لا يرى إلا فتات الجدار يتساقط ...فيبتسم ...ويعاودُ النظر إلى الجدار نفسه ...يقف متأملاً ما عليه ...صورة شيخ جليل ...عظيم ...والدٌ حنون ....قلب كبير على جدار صامد ...ولعل ريحاً خفيفة تُسقطه ..!
تذهب به ذكرياته ..وهو يجمع أوراقه ...شهاداته ...ٌإلى السنة الثالثة له...
يا ترى ما الذي حل به ...بأمه ...بجده ..بجدته ...بشعبه..؟ ...يعاود النظر ..بدقة إلى ملف جمعت والدته بعض الأوراق المهمة فيه ...فيرى شهادة وفاة والده ...تسقط دموعه ..تحاور الورق ليسرد قلبه ..الحدث الأكبر ...شهادة والدي ..ويتمي ...وضياعي ...بين أحضان أمي وأهلي ..!
يتلهف لسماع حكاية الورق المصفر بلوعة الأيام ...فيصمت ..مع بداية حديث ورقه: ...
كنت يا بني في السنة الثالثة لك ...تسكن في قرية جمعت أبنائها بين أحضناها ربتهم على قيم المقاومة وحب الأرض ..سقتهم بدل الماء دماً أحمر لا يعرف سواها ...أطعمتهم من الخبز رغيفاً صنعته يدا الصبر ... هناك أحاطتهم نخيل الوفاء ...علمتهم على الصدق ..كانت تجمعهم بين ظلال أشجارها وتلقنهم أخلاقاً لا مثيل لها ...نقية ..صافية ...صادقة ..

والدك يا بني ...عبثت به أيدي الظالمين في سجن أسود ...ويوم أسود ...مات وأثر الرصاص منحوتٌ على كتفه ...صدره ...ورجله اليمنى ...كان بطلاً بحق ...هذه الصورة التي تناظرها منذ زمن ...والتي رحل صاحبها ما هي إلا رمز ووسام على صدر والدك المصاب ((الشهيد)) ...بني ..اجمع ما تبقى لك في وطنك من غربة أوراق ..وشهادات وارحل حيث والدك ...لا بالموت ...بل بالعقل .. بالفكر .. بالمنطق ...بحب هذه الأرض ...كن على حقٍ ووفاق ...بني احترم ما كان يحب ويقدر والدك وشيخك ((الجمري)) لا تعبث بأقوالهم وتجردهم من ما آلوا إليه من مسؤولية .. لأجلك ..لأجل والدك وشهداء وطنك.... لأجل هذا الشعب .. ومن أجل هذه الأرض ..فهم أبناء هذا الشيخ ...قادةً بحق وإن اختلفوا ...دعهم تاجاً على رأسك لا يسقط حتى بسقوط نجوم سماك وما تهوى ...!



بقلم : بتول إبراهيم أحمد

هناك 4 تعليقات:

واحة خضراء يقول...

انَطِلاقَة موفَقة .. جميْل ان نَقرأ لأقَلام قريتُنَا

التعبيّرات ومآلتُها مُمّيَزة حيثُ المشاعِر الطَائرَة للأعَلى تُناجَي الالَه

آآهَات الشَعْب ودَاعْ الأبْ

i!i Masoor88 i!i يقول...

السلام عليكم ..

سرد جميل لمحاكاة الواقع من خلال نصائح الأم لكل شعب البحرين و أهلها ..

نعم انهم كانوا و ما زالوا قادة يجمعهم و إن اختلفوا حب الوطن..

يسيرون على خطى الشهداء و يقدسون دمائهم و لا و لن تضيع هدر لاختلاف بينهم فهم أكبر و اوعى من ذلك ..

قدموا و ضحوا من أجل البحرين .. لتكن البحرين أرضي و موطني الأبدي

بتول إبراهيم يقول...

أخي العزيز (خادم الحسين)..
شكراً لمرورك بين اختلاجات حروفي هنا ...
قد نرسم بحروفنا كلمات تفضح ما في قلوبنا من مشاعر وأحاسيس تجاه من نكنُ لهم كل الاحترام والتقدير .. فكيف بنا ونحن معهم ..في رحى المصاعب نتذوق ما يتذوقونه وهم صابرين محتسبين .. ذاك الأب قد رحل .. بجسده فقط فالروح باقية لم ولن تغادر .. فمن يمثلها ..قلة ..هو قادة ..بحق ..!
شكرا مرةً أخرى ..أخي
دمت بخير
(حكاية)...!

بتول إبراهيم يقول...

أخي منصور ...
سعيدة أنا بمرورك بين أوراق حكايتي .. لكنني أسعد بكثير .. بكلماتك المحملة بالحب والاحترام لقادتنا وعمائمهم ..
شكراً مرةً أخرى ..
دمت بخير ..
حكاية ...!