السبت، 5 سبتمبر 2009

المرض الذي اجتاح حياتي ..


المرض الذي اجتاحَ حياتي ..


المرض الذي أخذ يجتاحُ حياتي .. وجعلني أبكي بجنون ..
المرض الذي أضاعَ حُلمي بعودته ..
بورتريه الوسط لهذا اليوم عاد بذاكرتي للوراء .. كان يحملُ اسم المرض الذي اجتاح حياتي .. هو نفسه الذي اجتاح حياة سيد معتوق الماجد الذي رحل عن الدنيا بالأمس ..
عاد بي إلى يوم كنتُ فيه مع والدي في مستشفاهم .. وقفت بجانبه ممسكة بيده ,, التي ما كانت تبخلُ عليّ بحنانه ..
حتى أكمل الطبيب كلامه وتساؤلاته .. خرجت من الغُرفة لأسمع المزيد من الطعنات وكان برفقتي زوجُ أختي ..
أنتِ ابنته ؟!
نعم .. كيف حاله ..؟! ( قلتها وكان أملي يحتضر رغم ابتسامة والدي الدائمة في وجهي حينها )
امم للأسف الحالة حرجة ,, خطرة .. ووووووووو
تكذب ..
زوج أختي يحاول التخفيف : دكتور أخبرنا المشرف على القسم بأنه بصحة جيدة!
امم من قال .. أبداً الحالة واضحة وحرجة وصعبة جداً والمرض بدأ ينتشر ولا أمل في الشفاء !
مستحيل .. والنتائج ؟!
هكذا أثبتت الأشعة للأسف !
مستحيل .. وأملي وأمل والدي في الرجوع .. في الشفاء ..؟!
لا أملكُ جواباً لكِ إلا هذا .. وإذا أردت ..فلكِ الحق في أن تسألي الطبيب الثاني ..
ابتعدتُ حينها بخطواتي للوراء ..
وصرت أمشي في ممراتهم كالمجنونة .. أبكي ... أمسحُ دموعي .. انهرت تماماً حتى آخر ذلك الممر الطويل .. رفعت هاتفي ويدي تحتضرُ هي الأخرى ..
لم أجد مفراً من واقع كلام الطبيب إلا أختي الكبرى ...
ألو ..
أهلا بتول .. خير ..
( صرت أبكي بجنون ) : لمَ كذبتم عليّ ..؟!
لمَ قلتم لي بأن النتائج جيدة .. ؟! هاا
بتول .. ما هذا الكلام .. النتائج سلمية ولا جدال في ذلك والجميع يعلم .. ونحنُ لم نكذب عليك في شي .. لا تيأسي من رحمة الله ..
مريم .. والدي سيموت ..؟! هاا سيموت ..؟!
ما هذا الكلام .. بتول أين ثقتكِ بالله ..؟! أين ؟؟ يجب أن تتماسكي وأنت تقفين بجانبه .. والدنا يحمل أملاً كبيراً لا نعلم بتفاصيله ..
لا أستطيع .. حدثني اليوم كثيراً .. يريد أن يلمنا .. يريد أن يُحدثنا .. هكذا قال لي ..
بتول تماسكي من أجله ..
لا أستطيع ..
بلى.. تستطيعين نحنُ أيضاً نتألم لكنه بلاء من الله ويجب علينا أن نتخطاه بإيماننا فيه
مريم .. أتعلمين ماذا قال ؟؟!
أريد أن أشم هواء السنابس .. أريد أن أراها لأجمعكم .. أجلس معكم .. وهو يمسكُ بيدي ..
بتول .. والدنا يحتاجنا بقوة إيماننا بالله .. وأنتِ ترينه وصبرهُ الطويل ... تماسكي من أجله ..
إن شاء الله ..

أغلقتُ الهاتف .. ومسحتُ دموعي .. أخذتُ أتنفسُ بعمق وحاولت رسم ابتسامة مصطنعة لكي يراها .. لكنني كنتُ أفشل .. فازداد في البكاء ..
تماسكتُ بعدها .. وأمام الطاقم العامل في ذلك الجناح الذي احتضنه .. استطعت أسر الدموع .. ناظرتني إحدى الممرضات وقالت : سيمنُ الله عليه بالصحة ان شاء الله ..
ناظرتها : ان شاء الله .. شكرا ..
دفعتُ الباب قليلاً .. وما ان دخلتُ حتى رأيته يبتسم كعادته في وجهي ..
حاولت التستر على دموعي فقلت : كنت أنتظر خروج الممرضة ولم أنتبه عند خروجها ..
ناظرني .. وكأنه يقول : لا مفر من قضاء ربي ..
كان كلما ابتعدتُ عنه قليلاً يناديني .. لأمسكَ بيده حتى وهو نائم ..
كم كنتُ أشعر بدفء حنانه .. كان يمسكني بقوة .. فازداد أنا .. كنتُ أشعر بالراحة ..
أشتاقُ إلى أن أسمع اسمي بصوته .. يناديني .. ( بتولي) رُبما ولعُمقِ جُرحي بعد فقدهُ أصبحَ هناكَ من يقولها لي الآن .. وبكثرة ..
لكنني لا أشعرُ بها أبداً ..
لأنها كانت تخرجُ بصوته لتدخل قلبي ..
أنا لا أملكُ شيئاً الآن .. إلا الدعاء ثم الدعاء ..
افتقدكَ كثيراً وهذا الشهر يعلمُ بتفاصيل حنانكَ وعطائكَ للجميع .. يعلمُ بأنك لم تبخل على أحدٍ بشيء لا بالمال ولا بالحنان والدلال ..
أجلسُ في كل يوم أنتظرك ,, فأغلق باب غُرفتي وأبكي في أحضان ذكراك .. تقتلني صوركَ معي .. مع إخوتي ..
كيف سيمر العيد وأنا في كل عام مع والدتي نقوم بترتيب حقيبتك التي تأخذها معك إلى بيت الله ..
وكيف سأفتتحُ عيد هذا العام بصوتك عبر الهاتف وأنتَ في رحاب بيت الله ..؟!
وكيفَ لي أن أشعر بأهميتي وشوقكَ لي وأنت تصرُ على والدتي في كل اتصال أن تسمع صوتي وتسألني عن أخباري ..؟!
بين رحمة الله أودعتكَ ..
كم أشتاقكَ يا كُلي ..

هناك تعليق واحد:

واحة خضراء يقول...

لاحول ولا قوة الا بالله العلي العظيم ..

تقطع الاكباد ذكرً فيها الصعاب تحملتـّها الأبناء صبراً

تقطع القلوب أناتٌ فيها الدموع والألم الذي لا يخبو

حتى آخرُ لحظةٍ هي كلمة السلام والوداع الى هناك


رحمة الله على المؤمنين والمؤمنات لاسيما ابا خليل والسيد معتوق الماجد