الأربعاء، 27 يوليو 2011

أنا و زميلتي والأمير..


أنا و زميلتي والأمير ..

أقبلت عليَّ تشقُ ابتسامة واسعة حسبتها جاءت لتسأل عن أمر ما بينما كنتُ جالسة لوحدي على كرسي الآداب الذي لطالما جمعني بزميلاتي المفصولات  أقرأ كتاب للدكتور علي شريعتي  " الإمام علي (ع) في محنه الثلاث " .. ألقت تحيتها عليَّ ورددت بالمثل مبتسمة في وجهها . جلست بجانبي وقالت : ممكن خدمة ؟ تناولتُ أطراف الكتاب مبتسمة وأغلقتهُ  حتى أسمعها.
قالت وهي تخفي ابتسامتها الخجولة عني : " كلميني عن الإمام علي"  سكتتْ للحظات ثم أكملتْ " أقصد عن حياته .. مواقفه مع الناس " .
هذه زميلتي من الطائفة السنية الكريمة واعذروني على هذا الوصف . شعرتُ حينها بواجب الصمت و التفكير قبل سرد أي موقف أو حدث . فتحتُ قلبي أقلب في هواه .. وسألتها عن أي جانب بالتحديد تريد ؟
وضعتْ كتبها جانباً وأعادت طلبها " عن حياته ,مواقفه مع الناس , يعني مواقف تدل على حبه لهم عن كرمه .. عن أخلاقه .. عن عدله "
ذكرتُ لها بعض المواقف لعدله وحنانه وطيب قلبه .. اخترت ألا أفتح أبواب الخلاف بيننا مستندة إلى أقوال الرسول عنه .
قاطعت أفكاري قائلة : " آنا دورت في النت عن حياته .. بس كانت تطلع لي أشياء غريبة .. شي اسمه السقيفة وغصب الخلافة ومدري شنو .. ما فهمت " . ضحكتْ  وقالتْ " ما علينا من الي قرأته  آنا في النت .. قولي لي قصة من قصص هالكتاب الي تقرينه "
كادت ابتسامتي تُسقط السماء .. لو تعلم ما يحمل هذا الكتاب الممنوع لعاشت صراعاً مع نفسها  كما عشت هذا الصراع مع نفسي . فأي إنسان هذا الإمام , عظيم ولا أعظم منه . أقسم بالله لو قرأت جزءاً واحداً منه لبقيت أيام وليالي تفكر في سر من أسرار علي .. هذا الكتاب اشتريته من معرض الكتاب الأخير . قبل أن أخرج من الدار  ناداني البائع وهمس مشيراً إليّ ضرورة شراء هذا الكتاب  على أنه ممنوع  وما أكثر الممنوعات !لم أتردد أبداً , أخذته أقلب صفحاته , طلب مني إخفائه حفاظاً على سلامة الدار وسلامتي !
كنتُ كلما رأيته في مكتبتي أجلتُ قراءته , ولا أعلم لم كل هذا التأخير ,حتى قرب ميلاد الأمير .. وكان الوطن غارق بتفاصيل الدم والظلم , شعرتُ بحاجتي لاحتضانه منذ تلك الليلة ,بالفعل وجدتُ فيه حاجتي . الدكتور شريعتي تحدث فيه عن محن الإمام علي الثلاث .. محنة التاريخ , و  محنة التشيع ومحنة الإنسان ..وما عليك إلا أن تقرأ وتربط أحداث الواقع بأحداثه .

عودة إلى زميلتي العزيزة .. بعد إصرارها في معرفة ما يتناوله هذا الكتاب تجولت معها في شقه الإنساني  , علي الإنسان .. ما معنى الإنسانية .. كيف كان علي إنساناً كاملاً بتفاصيل حبه وحنانه و عدله  وانصافه بعيداً عن كونه قائد أو رجل سياسة أو دين أو اقتصاد ..  قبل أن تنصرف لمحاضراتها قالت لي : شخصيته عجيبة !
كيف لا يا عزيزتي وهو  أمير الإنسانية  ..

انتهى ..

هناك تعليق واحد:

واحة خضراء يقول...

تدوين رائع

عندما نظرت للصورة تجمدت مفاصل جسدي، فرؤية الكُتب تدفئ القلب، "فهمي هويدي" إيران من الداخل، من الكتب التي أفهمتني طبيعة الشعب الإيراني .

لقد أستغربت من بداية التدوين بانكِ تقرأين هذا الكتاب تحديداً في الجامعة، فهو كما تفضلتِ ممنوع، وفي الأزمة وبالتحديد أيام السلامة الوطنية، كنت قد التقيت مع زميلٍ لي بالجامعة قد أعارني كتاب "التشيع الصفوي والتشيع العلوي" لعلي شريعتي، وعندما قلت له هل تريد ان اجلبه لك، ابتسم وقال لا لا تورطني والتفتيش .

الإمام علي في محنه الثلاث، كتاب قيّم جداً، ورائع لما يختزنه من معلومات .

تدوينك رائع، وفي لقائك بالفتاة السنية، في هذه الظروف، مع ذلك أتمنى الحذر لك ومع حملك لهذه الكتب، لكي لا تتهمي بنشر التشيع !


وفقتِ