الأربعاء، 3 أغسطس 2011

إلى السيد حسني مبارك ..


إلى السيد حسني مبارك ..

اليوم ذاكرتي عادت مُجبرة لأغسطس 2009 .. لا أذكر التاريخ بالضبط ولكني لا أنسى تفاصيله يوم دخلت مقابلة ( قبول تخصص الإعلام بالجامعة) .. ليلتها لم أستطع النوم , كنتُ أنتظر الشمس بفارغ الصبر ..حاولتُ استرجاع كل معلوماتي من أسماء وزراء و وزارات وإعلاميين كبار من داخل البحرين وخارجها و أهم الأحداث حينها وأذكر أن انفلونزا الطيور كانت تتصدر قائمة الأخبار ..
الدكتور الذي قابلني كان حازماً معي جداً , نظراته حادة وأسئلته مُحيرة شعرتُ بأنه يخرجها من باطن ذاكرته , وضع أمامي جريدتين وطلب مني قراءة أخبار الصفحة الأولى لكل جريدة ومن ثم تحليلهما ..بعدها بدأ بسيل من الأسئلة .. السؤال الثالث جاء كالتالي من هو الرئيس المصري ؟
كان من المتوقع وبكل سهولة أن أجيب عليه " حسني مبارك " .. سكتتُ للحظات وكان يُكرر السؤال عليَّ فيما أنا قد نسيت من يكون من شدة الارتباك .. كنتُ أكرر في نفسي أهو مبارك حسني أم حسني مبارك ولأن الوقت محدد للإجابة قال لي الدكتور : حسني مبارك هو الرئيس المصري .. أستغرب كيف تنسين ذلك ! وراح يسرد لي تفاصيل حكمه ..
صار مبارك نقطة سوداء اعتقدتُ بأنها ستعيق حراكي نحو رغبتي الأولى .. ففي جامعتنا القوانين صارمة ومثل هذا الخطأ قد يمنعني من الحصول على رغبتي الأولى .. هذا أمر متوقع حينها !
 حتى التقيت بهذا الدكتور مجدداً لأكتشف بأنه سيقوم بتدريسي مقرر العلاقات العامة وهو تونسي  الجنسية .. عندما رأيته حينها شعرتُ بالاحباط الشديد . فكانت المفاجأة , أنه صار قريباً إليَّ جداً كطالبة في سنتها الدراسية الأولى ..يشجعني ويناشقني ويتحداني بعض الأحيان .  حتى جاء بمثال عن المؤسسات المُدارة من قبل نظامٍ معين ( أسباب فشلها في الإدارة ) , فضربت المثال على مصر أم الدنيا خصوصاً وأنا في تلك الفترة كنتُ مولعة بتفاصيل أهراماتها وتاريخها , وخصصتُ بالذكر حسني مبارك .. كيف لجمهورية مثل مصر تملك النيل من جهة وخط الفقر والانحطاط من جهة أخرى .. فابتسم حينها وتذكر لحظة نسياني لاسم مبارك .
على فكرة يا مبارك, دكتور الصحافة المصري كان يحتقر هويتي ويصرُ على تحطيمي , حتى جاءت ثورة الشعب المصري عليك وعلى أمثالك وحتى جاءت ثورة اللؤلؤ .. ثورتنا نحن شعب البحرين فتبدل حاله .. صار يحترمني كما يحترم شعبه وأرضه وطموحاته .. أصبحتُ بعض الأوقات لا أصدق أنه يكلمني بكل لباقة ويحترمُ هويتي.. وأنا أحترمه أيضاً .. أحترمه جداً أكثر من أي وقت مضى .. " هذه تربية الثورات يا حسني " .
وها أنا يا مبارك أذكركَ اليوم وأنتَ خلف قضبان السجن .. ابتسمتُ للوهلة الأولى عندما رأيتك .. ليس من باب الشماتة أبداً .. تذكرتُ تلك التفاصيل وتذكرت ثورة مصر الخالصة . كيف قمعتها وقتلت شعبها ونحرت أحلامها يوماً ما . كيف وقفت تتحدى شعبك بالقوة وتتباهى بكرسيك . كنتَ أقسى من فرعون .. ربما ربتك مقبرة آمون العظيم حتى خرجت من رحم أمكَ محنطاً بالغرور والكبرياء وها أنت اليوم على فراش أبيض خلا من كل شيء ,من المال والعز والجاه , وحتى زينة الحياة الدنيا أولادك  شاء لك الله أن يزينا لك سجنك .من كان يصدق يا مبارك أنك وأصدقاء الظلم بن علي الهارب وعلي صالح الظالم  يصل الحال بكم إلى هذا الحد ومازلتم في كامل جبروتكم وطغيانكم . كيف لا تشعرون بطعم الانكسار والهزيمة ونحن نراه في عيونكم ..
السيد مبارك , فضولي الإعلامي .. لا, لا ليس الإعلامي بل الإنساني يقتلني , أجبني على سؤالي هذا : ما هو شعورك و أنت خلف القضبان متهم خائن ، و أين أعوانك و رفاقك عنك ، و ماذا تريد أن تقول للبقية الباقية من أمثالك ؟ ( لو سمحت أجب على سؤالي بالتفصيل فلا وقت لديَّ لثرثرة إنسان ساقط من عيون البشر .. من مصر أم الدنيا والعالم بأسره ).

هناك تعليقان (2):

واحة خضراء يقول...

فعلاً الثورات تظهر الشعوب على حقيقتهم، فبعد ثورة اللؤلؤ الذي شعر فيها اهل البلد بالعزة والكرامة، صار لشعب البحرين صيتٌ بين العالم ..

جميلٌ ما دونتيه ..

خربشات قلم يقول...

." ربما ربتك مقبرة آمون العظيم حتى خرجت من رحم أمكَ محنطاً بالغرور والكبرياء وها أنت اليوم على فراش أبيض خلا من كل شيء ,من المال والعز والجاه , وحتى زينة الحياة الدنيا أولادك شاء لك الله أن يزينا لك سجنك "
جميل ما نسجتيه :)
سنة الله تطبق على كل ظالم