الأربعاء، 11 يونيو 2008

أنا بينكم لأنزع غشاوة التعصب عن عيني...!!

تتعدد الأدوار وتتعدد الآراء فتكون نِتاج لفكر إنسان عاصر أحداث حياة معينة .. قد تكون سعيدة تملأ سماء صاحبها ببالونات فرح ملونة وقد تكون تعيسة يكثر فيها الضباب الأسود والاصطدامات الحادة بين الآخرين التي لا تجدي نفعا ... من هنا بدأت مراسيم حفل متواضع لشخصية صقلت ذاتها برؤى وآراء وتطلعات الآخرين .... وكان لنقضيها حضور مماثل ... كان حوار ساخن ...يديره مذيع متألق ...الهدف منه هو استبصار بعدين مختلفين ...التعصب لآراء النفس بأنانية مفرطة وتأثيرها في حياة صاحبها ...والعكس تماماً .. لكن التركيز كان على الشخصية الأولى ....

بدأ النقاش ...مع رجل كهل أثقلته ارهاصات الحياة المتتالية وعبثت به أحبال أفكاره وآرائه المتعصبة ...بدأ فيلم حياته ...بالعمل .. مع رسم ابتسامة خجلة على ثغره الصغير ...وبدأ بصب الذكريات ..في جوف السامعين ...

كنت متفوقا في دراستي ...في جميع المراحل الدراسية ...ولي الكثير من الأنشطة والفعاليات في المدرسة وخارجها ...كنت محباً للعلم ..وجمع جواهره الثمينة ...مثقفاً .. واعياً ..أدرك عقلانية الحياة من جنونها ..مفكراً ...أبحث عن قدري وطموحي ... بجمال علومها ...كاتباً ...أميل إلى أدبها ...ناقداً...له بصماته الواضحة في صفحات معاصيرها من رواد ...).., هنا توقف عن الكلام قليلاً ..وناظر الجمهورالذي كان يتسائل في ذاته .. ما دخل هذا الكلام ...بانموذج الرجل المتعصب لآرائه ؟!, ليجيبهم ...: مدركاً أنا ما أقول لأنها بداياتي .. ومنها خلقتُ الغرور والتعصب ... والتحيز .. والامبالاة لكلام الآخرين ... نعم .. سيطرة عليّ هذه الصفات .. وأنكهتني ... غروراً ... وتعصباً .. وكأني أول أديب معاصر لها ..فبعد أن أصابني مرض الشهرة ... تغير كل شيء ... فلا كلام حواء العظيمة ..يجدي نفعاً .. ولا النقاش مع أبنائي يكفيني تعصباً ...ولا النزاع مع أصدائقي ومن ينتقدني ...بشيء ...يكفني ..عن نزع التعصب وتجاهل الآخرين ... كانت بداية لضياعي وضياع مواهبي وقدراتي ... التي أنعمها الله عليّ .. ليسلبها الآخرين بابتعادهم عني .. فقد سأموا مرضي ..وعجبوا لكلامي ... وشدة تحيزي لما أنطق به ..., فذات مرة أذكر على سبيل المثال ... كنت على الهواء مباشرة ببرامج ثقافي ... ناقد ..., فطُرح سؤال عليّ ..ثقافي بحت.. .عن أحد الشعراء المعاصرين .. وكان له من القدر مكانة عالياً ...فكتاباته وجمهوره لا يعد ولا يحصى ... والكل يشهد بذلك إلا أنا .. انتقده بشدة بالغة ...والكل أندهش من كلامي .. الحاد .. الجارح .. في برنامج على هذا المستوى من القدر الكبير ... مما دفع بعض المسؤولين الى الحديث معي والنقاش والحوار الهادئ الذي قلب ُ الى صراخ بدأ مني .. وكأني ملاك في الادب .., هنا ... تقاذفت أعين الجمهور ... بين دهشة .. واستنكار .....وكف هو عن الحديث للحظات وكأنه يصفع فكره أنْ كف عن سكب المزيد ... بحسرة وندم ...فلم يستطع فأكمل حديثه ..: لا تعجبوا .. ولقد كانت نهاية شهرتي .. هذا البرنامج ... فبعدها لم يدعوني أحد إلى أي ندوة أو مؤتمر ثقافي ... أو حتى لمسابقات بسيطة على مستوى قريتي .. وهذا .. ما دفعني للإنزواء في المنزل .. وعدم الخروج .. وترك القراءة والكتابة ... وكل ما كنت أتلذذ به ..آنذاك .... فغربتُ عن أعين الناس وعقلهم إلا بالسيء عني .. فالكل أخذ أنطباعاً سيئاً عني .. فكيف بهم أن يستضيفوا شخصا مناقضا لذاته .. متعصباً لآرائه وهم بحاجة الى الناقد الحقيقي الذي يجمع بين السلب والإيجاب بروح حلوة .. يتذوق مواهب الآخرين ... بحيادية ومنطق لا تعصب ..!!

أنا اليوم...هنا لأوضح ...إلى روحي ...حوائي ...اني نادم ... فكلامها الجوهري ..غاب عن فكري المتعصب لسنوات طوال ... وها هو عائد بقوة ... ..أنا هنا ...لأعود إلى أبنائي كما كنت ..أأخذ بآرائهم الشبابية ..المتطلعة إلى حياة ايجابية .....أنا هنا لأقدم اعتذاري لجمهوري .. لقلمي ... وفكري ... أنا هنا لأنزع غشاوة التعصب عن عينيّ ... هنا أنا ... لكم وبينكم ...بدون التعصب ... أذناي .. تسمع ما تقولون بوعي خالٍِ من التعصب ...
بقلم : بتول إبراهيم أحمد

ليست هناك تعليقات: