الثلاثاء، 3 فبراير 2009

تسعيناتُ وَطني ..!


تسـعيـنياتُ وَطني ..!


كنت سأفرغ ذكرياتي بغضب .. لكن الإحساس بطعم غريب .. أغرب من تلك الأحداث جعلني أنثر شيء منها بهدوء تام و الابتسامة على ثغري واضحة .. اممم لا أعلم بماذا أبدأ .. لكنني سأكتبها وأرويها للورق قبل كل شيء .. وهي منثورة إذ انني لا أستطيع استذكار أيامها بالضبط . الفترة وحدها هي من تقود ذاكرتي .. قلت بأنني سأنثرها ...!!
قد كنت أعشق في صغري الخروج ظهراً من المنزل والتجول في أزقة قريتي ..إلا إن عشقي كانت تحكمه ظروف صعبة ... بين الضرب والحصار وربما الموت .. وبما انني الاصغر حينها من بين اخواتي الأربع وأخي الذي يكبرني بــ4 سنين, طلبت مني أمي حينها الخروج لشراء بعض من الحاجيات .. فلبيت ذلك بلا تردد ..!! لكن طلبها هذا جاء بعد عجزٍ من أخي الذي كان يغط في نومٍ عميق بعد عودته من المدرسة ..(كم كنتُ سعيدة فمنذ فترة طويلة وانا لم أخرج في هذا الوقت..!! أخذت النقود وخرجت وكانت توصيات أمي ..ترن في أذني عند الباب فقط! .. (انتبهي من (الشغب) ... وإذا رأيت أو سمعت طلقات النار عودي .. ولا تقبلي الركوب مع أحد غريب ... ) ابتسمت كالعادة بشقاوة : (حسناً ) ,وخرجت .. لأرمي تلك التوصيات وراء ظهري وليبدأ المشوار .. كم كنت سعيدة حينها ..!!
الساعة كانت تشير إلى الثالثة والنصف مساءً .. الشارع في هدوء تام .. اتجهت بأنظاري الى الجهة الغربية من القرية .. فأحسست بأن هناك شيء ما يحصل .. الا انني تجاهلت ذلك الاحساس .. واكملت مسيرتي .. وقبل وصولي رأيت ما نسميهم (بالملثمين) يكتبون على الجدران بعض العبارات .. وكم كنت أعشق قراءة ما يكتبون .. وقفت أتمتم بعضها .. فصرخ أحدهم :( عودي الى منزلك فهم قادمون) ..!! (قادمون)!! وما دخلي فيهم .). تجاهلته وذهبت الى البرادة ... وصلت .. وطلبت ما وصتني أمي عليه .. وبين ما انا اتحدث الى البائع (الهندي)..رأيته فجأة يلملم حاجياته ويغلق الباب بوجهي .. صرخت عليه , لم تفعل ذلك ..؟ فقال :( يالله بتول روحي بيتكم .. هذا في نفر شغب يجي احين ).. ناظرته باستغراب وربما سخرية ... وقلت ببراءة: (جبان ..) وما ان اكملتها .. الا وصوت اشباح الموت .. تصدح من خلفي ... (عن ابوج ردي بيتكم .. )... آه يا قلبي .. لم التفت .. وقلت بصوت اعتقدته خافت ولا يُسمع ..(عن أبوك إلا انته).. !! ثوان فقط بعدها ورأيت نفسي تحت قدميه .. بين لكمات وضربات وشتم .. ولا أنسى شعري الطويل كم تعذب معي ومع شقواتي .. أحسستُ حينها أني أودع الحياة ... آلمني الضرب كثيراً .. واعتقدت انني راحلة .. فلم أستطع النطق بأي كلمة سوى البكاء بصدمة ... إلا إن مرور خالي وبالصدفة رآني أتلوع بالضرب من ذلك الضخم الجشع .. فجاء بهدوء .. وحدثه على أنه من قريتي .. ويعرفني .. وطلب منه أن يتركني .. فصرخ عليه (كنت سأقتلها لو لا خوفي من الله )...!!
وهل يعرف ربه .؟!! غريب ..!! انتشلني خالي مما أنا فيه .. وضحك في وجهي .. وقال : (دائما ما تخلقين لنفسك المشاكل نفسها .. اعقلي يا بتول .. ولو أنك سمعتِ ما قالته أختي ويعني (أمي ).. لما حدث لك ذلك ). احتضنته وبكيت ..!!

كم أحبك خالي .. وكم أعشق لحظات الشقاوة في ذاك الزمن رُغم قسوة لحظاته ..!!

هناك تعليق واحد:

واحة خضراء يقول...

شجاعة فيك حقاً ان تواصلي سيرك للبرادة رغم هجومهم !

الحمدلله على السلامة ..

ابنوا مستقبلكم بالحفاظ عليه لا تضيعينه بين ايدي هؤلاء الحثالة

سلملم .. (: