الجمعة، 29 مايو 2009

آدم وحواء وفاصل الضياع بينهما ...!


معاناة زوجة
((آدم وحواء .. وفاصل الضياع بينهما))




رُبما نحاول العبث في تراكيب لغتنا .. لنصل في الختام إلى شيء بسيط .. هذه هي محاولاتي الأولى في كتابة المسرح ودعوني أقول موقف بسيط يجسدُ إحدى الموضوعات الأدبية التي تناولناها في المرحلة الثانوية ( الثاني ثانوي ) الفصل الأول ... وبتشجعٍ من أستاذة اللغة العربية ...
لا تبخلوا عليّ بنقدكم البناء...
النص :
الرواي :ما القارس في الشتاء إلا الضياع ...ذلك المتمثل في الغربة والألم .....غريبٌ هو الشعور بدون آدم ...بدون تاج الرجولة ومعدن الحب والوفاء ...كم هو قاس هذا الشعور الغبي ..الذي يستهتر بمشاعر الغير ...
موسيقى كلاسيكية حزينة ....
الزوجة وهي في أحضان الأم : ستموت ألماً يا قلبي من بعده ...بل ستفارق روحي معنى الحياة بدونه ..أماه ...كيف هو حالك من بعد أبي ..؟؟

الأم :آه يا بنية وأي حياة من بعده .. المرأة بدون الرجل لا تستطيع عمل شيء ..وكم من المعاناة عشت ...ارتويت الضياع لبناً في كل صباح ..استطعمت قطع الخبز المتكسرة ألماً ...حتى دموعي أحسستها تقتلني ..لأنها الأقرب ..!
بنيتي ...حافظي على زوجك وابنك ...فهما الحياة الحقيقية حيث لا ضياع معهما ..!

الزوجة : أماه ..دعائك ..لا بد منه ..أحس بخيانة القدر لقلبي ...لا أعرف كيف أصف هذا الشعور ..لكن بصدق ..أحس أن كارثة ما ..ستصيبني ...ستجرفني ..إلى حيث لا نديم ..!

الأم وهي تمسح على رأس ابنتها : بنية ..ما هذا الكلام ..؟؟ قالتها الأم بابتسامة طغت عليها ملامح التعجب والاستغراب ..
ليقطع حديثهما دخول نديم ....: عمه ..كيف حالك ..؟
العمه بابتسامة ..: بخير والحمدلله ..وأنت يا نديم ..كيف هو حالك وعملك ..؟
نديم : ومن منا لا يحمد ربه حتى في المصائب ..(قالها بتنهد) ..الحمد لله على كل حال ..
الزوجة : نديم ..ما بالك اليوم ..؟
نديم :أبدا عزيزتي ..مشاكل بسيطة وستزول بإذن الله ..

الراوي :هذا هو ما دار بينهما في آخر ظهيرة جمعتهما معاً ..بقرب الأم وابنهما الوحيد ..لكن ما هو الحال الذي سيطر على أجواء دارهم الماكث بين البساتين ..؟؟
في حضن الشتاء ...وبين أورقة الدفء ...وفي زرانيق ..الأمل ...سلطان جمعهم ليفرقهم ...((القدر ))..ولعنة ما بعدها لعنة ...
في انتصاف الليل ..القمر ونوره الخافت ..والنجوم ورقودها الطويل في حضن السماء الحمراء ..مخملية يعيشها من في السماء مع تللألأ حبات المطر ...وقطع الثلج الذائبة ....الجميل هو لحن الشتاء الذي يجعلك تلملم ذكرياتك بين يديك ..تتصفحها بألم ممزوج بشوق ..إلى الماضي وما بعده ....!

أصوات مسموعة بخفة حيث تساقط حبات المطر ..وزعزعة الرعد والبرق وهما الطاغيان ..على الأصوات كلها ...!!
لكن من خلف باب دارهم ..طارق جديد ...يده مطرقة سقطت على زجاج حياتهما ليتكسر ...
الأم .. ونديم ..والزوجة ..واحتساء الشاي ..متوسطين تلك المدفئة القابعة في وسط الدار ...لكن من الطارق ..؟
نظرات ضائعة بينهم ..وعلامة تعجب كبيرة ارتسمت على وجه الزوجة

الزوجة تمسك نديم من يده :.. نديم ...عزيزي .. لا تخرج .. لا تفتح الباب ..أرجوك .....
نديم بكل بساطة وهو يبعدُ يدها عنه : ما بك عزيزتي ...ومن سيكون الطارق غير تائه أو مسكين أتعبه البرد القارس ..

نديم يقترب ..ويفتح الباب ..ليرى جنود الوالي ...وعلى رأسهم رئيسهم:...قائلاً باحتقار : أأنت نديم ..؟

نديم بقلق : نعم .. خير ان شاء الله ..
أحد الجنود .: الوالي يطلبك الآن في قصره ...الآن أسمعت ..؟
نديم: حسناً سأرتدي معطفي وسأذهب معكم ..

ومن بعد ارتدائه لمعطفه ..لا عودة له ...دموع الزوجة ساكبة حينها ..وقلب الأم خافق بالدعاء ....
خرج نديم ..وخرجت معه أرواح الأمل المحلقة في سقف دارهما ...درات ريح عاصفة اقتلعت جذور أشجار الذكرايات ...وسقطت ليسقط معها كل شيء ..

نديم ..كان يحمل في قلبه أملاً بالرجوع ..والزوجة تحتضن ألماً لما تشعره من كارثة حدثت بلا تردد أو سابق انذار ..والأم تصارع فكرها ...ما حل بزوجي ..يعيده الزمن لزوج ابنتي ...!!

آه آه ..تساؤلات تطرحها عينا الابن ..: أماه ..أين ذهب أبي ؟..ولماذا؟ ..وهل سيعود؟ .. ومتى ؟..وكيف ...؟؟

قلب الزوجة صامد ..كصمود الأجساد تحت التراب ..والروح معلقة بين نديم الماضي والحاضر ..ونديم كل شيء ...

ومن الحب ما قتل ...عبارة ينتشلها الهم بصدق ..لنقول ..(ومن المعاناة من بعد آدم ما قتلت ))..

الرواي :لحن ألم ..على قيثارة حزن ...عازفها قدر غبي لا يفهم ترجمة المشاعر ..
وزوجة عانت وما زالت تعاني ...وما من معين سوى الدموع والدعاء ..
درب أسود ..طويل ..شائك ..مظلم ..وبحر ...هائج..يحتضن موج عاتي ..
هو عالم الزوجة وابنها ووالدتها من بعد نديم ((الزوج , الأب .. الأخ .. الرفيق ...وكل شيء ..!

بعد بضعة أيام ...تساؤلات فرضتها الحياة بجدية على تلك الزوجة الضائعة بدون زوجها ...

الزوجة وهي تحتضن رداء زوجها :((رباه ..لما كل هذا ..آه يا ربي صبرك ..صبرك ..أحس بسكين ألم تغلغلت إلى قلبي وأعماقه ..أنديم الراحل ..؟أم أنا ..كيف لي أن أعيش بدونه ..هل سيعود ...؟

والأبن يكمل هذه التساؤلات ..بانتظار طويل عند باب الدار ..!!يقف حاملا معه أملاً صغير ..بين أضلاع قلبه الكبير ..ودائما ما يردد ..:أمي ..أحب أبي ..أمي هل سيعود والدي ..أمي مشتاقٌ لوالدي.

أما الأم بين احتضان ابنتها وحفيدها معاناة لا نهاية لها ..أتخفف من ألم ابنتها وهي تعرف مقداره والعذاب الذي خلفه رحيل نديم ..؟!أم تحتضن حفيدها الذي يُتم ووالده موجود ..وما معنى اليتم وأنت ووالدك تعيشان منفصلان على أرض واحدة ..تفصلكما حدود رسمتها حروب أو تضاريس ...

الرواي :صبيحة اليوم الخامس وطارق جديد لكنه معلوم ..الجارة أم فراس ....وفراس هو أحد أعوان الوالي الظالم ..

الأم تفتح الباب لتدخل الجارة ..: السلام عليكم ..كيف هو حالكم اليوم .؟
الأم :..بخير الحمدلله ..
الزوجة اكتفت بنظرة حزن وألم حيث لا كلام ..
الجارة ..: عزيزتي ..وصلتني أخبار من ابني أن نديم لم يسجن ..

هنا ابتسامة بانت على ثغر الزوجة ..والجارة تواصل الحديث :..لكنه نفي إلى فزان بأمر من الوالي ... (وصمتٌ مشحون بالغضب ...الصراخ ..البكاء ..أي شيء
هو أقرب الى الواقع المؤلم) ...
الزوجة : آه يا قلبي ...نديم ...عزيزي ...(تسقط مغشياً عليها) ..
الراوي :هذا هو الفاصل الظالم بينهما ...بين دنيا الزوجة و دنيا نديم ...حيث ((فزان))..هذا آخر خبر وصل الزوجة من بعد خروج زوجها من داره ..حكم القوي على الضعيف ..بأمر من سلطان الظلم((الوالي)) ونفي حقيقي ...حيث لا وطن ...!



تمت 4 /11/ 2007 م

ليست هناك تعليقات: