الأربعاء، 17 يونيو 2009

ما زلتُ أتذكر طريقتهم البشعة في الضرب ولن أنسى ذلك ..!


ما زلتُ أتذكر طريقتهم البشعة في الضرب ولن أنسى ذلك ..!

بما أني الأصغر بين شقيقاتي الأربع فهذا يعني أني سأكون وحيدة لفترات طويلة في المنزل وخارجه ... لذا كنت لا أفارق بنات خالتي التي ما زالت علاقاتي بهم قائمة لولا ظروف الحياة من زواج وعمل ...
المهم .. أنا كغيري من أهل القرية مررنا بتجاربٍ عديدة أيام الأحداث (التسعينيات) ... ربما أحداثي عادية مقارنة بالأحداث التي أورثتها تلك السنين لغيري لكنني وبرغم بساطتها لهول تلك الأيام لا أستطيع نسيان تفاصيلها وما جرى ليس سهلاً على طفلة مثلي حينها لم تتجاوز السبعة أعوام .. مررنا بالكثير سأبدأ بذلك اليوم الذي طال بوجع أحداثه ...
الساعة: كانت تشير إلى الخامسة مساءً ..
المكان : منزل جدي (والد أمي) بالقرية ..
الحدث :كنا أنا وبنات خالتي في نزهة مع والدهم وخالتي التي تصغر أمي بعام .. وإذا بصوت طلقات النيران (التي نعتبرها بداية الهجوم على القرية ) كنا في أطراف القرية للتو ولم نتعدى حدودها بعد فما كان منا إلا الرجوع لكننا لم نتمكن من دخول القرية لذا اضطر زوج خالتي بتوقيف السيارة عند منزل جدي في الشارع الذي يؤدي إلى إسكان السنابس وبدون إقفالها حتى .. ولحسن حظنا أن لمنزل جدي بابان الأول يطل على القرية من الداخل والثاني يطل على إسكان السنابس وهذا كان لصالحنا في تلك الأثناء ..
دخلنا منزل جدي فقامت خالتي وزوجها بالذهاب إلى منزلهم وأخذ البنات معهم .. فبقيت وحيدة مع خالتي الثانية التي كانت مع جدي وجدتي حينها .. فأنقذتني تقية ابنة خالتي وبقيت معي ( يعني ضحت بالأمان عشاني ) هدأت الأوضاع نوعاً ما في القرية وساد الهدوء أرجائها ..
في هذه الأثناء خرجت ابنة عم أمي مع أخيها للذهاب إلى البرادة التي تقرب من منزلنا وإذا ب ( الشغب ) يهجمون على منطقة سكني فما كان منهما إلا العودة من شدة الخوف وهذا ما دفع ( الشغب ) في ملاحقتهما إلى ذلك ( الزرنوق ) الذي يقع فيه منزل جدي وأخيه ومنزل أحد أفراد العائلة أيضاً .. طبعاً ومن شدة الخوف لم يستطيعا دخول منزلهما فدخلا منزل جدي وخرجا من الباب الثاني الذي يطل على إسكان السنابس ..
لحظات فقط وإذا بصوت الضربات على باب جدي .. والصراخ .. وطلقات النيران .. والمطاط الذي اخترق الباب ..
الأجواء داخل المنزل ...
جدتي تقف بالقرب من الباب تقرأ آيات من القرآن الكريم ..
جدي : كان يصلي في داره ( هذه عادته كلما خلي لوحده اتجه لربه) وهذا لم يزعزعه في شيء ..
خالتي : تقف عند أعتاب الدرج .. تترقب نزول أخوتها ( خيلاني ) الثلاثة والرابع كان خارج المنزل ..
تقية : تمسك بجدتي خائفة ..
أنا : كنت أناظر جدتي .. والدموع لا تفارقني ..

الأجواء في الخارج كما كنا نسمع : ..

كانوا يضربون على الباب بشدة
أحدهم : فتحوا الباب لا كسرناه عليكم .. فتحوه ..
آخر : وين بتنخشون عنه .. مجرمين .. فتحو الباب .. يا الله ..
و نحن : لا حراك ..
وإذا بالباب يكسر ..
هجموا علينا .. دفعوا جدتي فسقطت على الأرض .. وقاموا بضرب خالتي بالمسدس والقوها أيضاً على الأرض وما زادهم ضرباً لها ندائها المستمر هي وجدتي .. بــ يا علي .. وتوسلهم بأم البنين والزهراء حينها ..
أحدهم وهو أسمر اللون .. طويل .. ضخم .. قال : وين عنكم علي .. نادوه ما يسمعكم إلا الهواء .. (باستهزاء) .. وخلوا إلي تحبونه وتضحون بولادكم عشانه ينفعكم ... ويعني بذلك ( الوالد الجمري ) الذي كانت صورته معلقة في مدخل المنزل ..
تقية بصوت مخنوق : لا تضرب خالتي .. خلها ..
قام بضربها وإلقائها على الأرض بقوة ..
فاندفعت أنا ببراءة : ليش تضربونه .. خل خالتي .. لا تضربنا ..
فما كان منه إلا مسكي من شعري وألقى بي على الأرض وهو يكرر : لا تتكلمين ..ولا كلمة ..
أنا : مو كيفك .. لا تضرب ..
هو : جب ولا كلمة ..( قام بضربي على قدمي اليسرى بالمسدس أيضاً وما زال الأثر باقياً ...
جدي لي : سكتي خلاص لا تتكلمين ..
أنا وكلي بكاء : لا ياخذون خالي .. ما في أحد فوق ..
ما إن قلت هذه العبارة حتى صعدوا جميعهم إلى الطابق الأعلى وبقي منهم ثلاثة لمراقبة الوضع بالأسفل ..
وللأسف في الطابق الأعلى غرف (خيلاني) وقد كانوا متواجدين ثلاثتهم هناك .. ولحسن الحظ أن خالي الكبير قام مع الصغير منهم بالصعود إلى سطح المنزل والاختباء في المخزن .. وبقي الثالث نائماً في غرفته وهما لا يعلمان بذلك ..
فكان الضحية هو ..
داهموا غرفته وأخذوه من عز نومه .. وفي أثناء نزولهم وقفت خالتي وهي تبكي ممسكة بقدم اللعين ذلك الأسمر تتوسل إليه في إبقاء خالي ..
فكان يقوم برفسها على وجهها كما كان يدوس على يديها بقوة .. خالي وهو بين أيديهم لخالتي : قومي .. ما بصير إلا الخير .. قومي .. خلهم ياخذوني عادي .. إلي أخذوه مو أحسن مني ...
أحدهم : ليش تسوون روحكم مو مسوين شيء وكل العفسة إلا في البحرين منكم .. لا تتكلم وكأنك بريء!
( تخيلوا ذلك )!
بعد كل هذا الجدال الطويل .. أخذوه إلى منزل عمه الذي يلاصق منزل جدي .. ولكن بعد مداهمة منزل عمي ( عم والدتي ) وتكسير بعض الممتلكات فيه ..

بقي شيء مهم لا بد لي أن أذكره ..
خالي الكبير مع الصغير قاما بالاختباء في المخزن الذي يقع في سطح المنزل وقاموا أعني ( الشغب) بمداهمة سطح المنزل ومحاولة تكسيره لكنهم فشلوا حتى بالمطاط وطلقات النيران .. أتعلمون لماذا ..
لاستجابة الإمام علي لنداءاتنا وقتها ..
وأقسم لكم بذلك .. فباب السطح يفتح بسرعة وبمجرد لمسه ! وهذا ما اعتدنا عليه ..
وهؤلاء الأوغاد لم يستطيعوا كسره حتى .. وبعد خروجهم قمنا بالصعود إلى أعلى وبمجرد لمس جدي للباب فُتح !
ما زلتُ أتذكر طريقتهم البشعة في الضرب .. ولن أنسى ذلك أبداً ..

هناك تعليق واحد:

واحة خضراء يقول...

يؤسفني في البداية موقف خالتك التي خرجت مع زوجها عنكِ وعنكم في ذلك الظرف الشديد.. هذه الاوقات التي تحتاج الى الجميع ان يبقى مع الاخرين .

وكم من الصُمود والغيرة حيثُ صرختُك في وجه المرتزق !
وكم هي التضحية من خالتك الثانية ووقفتها ضدهم من عدم اخذ خالكم

انها الارواح الأبية ضد الظالم الأصم الاعمى


أين هُم اليوم ؟
أين من رفع المسدس واعتدى عليكِ وعلى عائلتكِ ؟

هل يعرف اسماءهم التأريخ ؟
لا والله بل جهنّم وأبوابها تنتظرهم بأحرٍ من البراكين


..

سلاماتٍ للقدم التي ستبقى شاهدةً للأزل، شاهدةً للأبناء والأحفاد، ان هُناك من اعتدى على اجدادنا، هناك من يجب ان ناخذ ثارنا منه، بل ديات شهداءنا



شكرا حكاية