الجمعة، 25 ديسمبر 2009

المقبرة والمطر!


المقبرة و المطر!



عدتُ من المقبرة هذا اليوم وقلبي مُقطع .. تخيلتُ أن ذلك الصوت الذي ينادي بموت أحد الشباب ينادي باسمي .. فكرتُ في حالي .. في ملك الموت وهو يقبضُ روحي .. في فراقي لهذه الدنيا بغرورها ..
ما أقسى هذه اللحظات .. إنهم أهله .. يتقاسمون رغيف الصبر على فراقه ..
يا ولينا من القبر وعذابه ..
جو المقابر يُقربني إلى الله .. كانت يدي على قبر والدي حدثتهُ وحدثني .. وشاركنا المطر في حديثنا الطويل ..
صوت القرآن وتجمع الناس في انتظار جنازة الشاب الذي فارق هذه الدُنيا في يومٍ فارق فيه العباس زينب والحسين كان يُزاحمني ويطلبُ مني الخروج من هُناك .. فلو طال مكوثي في المقبرة أكثر لفارقت روحي جسدي ..
قبلتُ تلك الصخرة ورحتُ بذاكرتي لذلك اليوم ..
ما زلتُ أراقبُ حركة أهله .. أحدهم يرفع الهاتف ويتصل والآخر مشغول بدموعه الحارة على فراق الحبيب .. ووووو ..
لا أجد شيء يُوصف سوى حبات المطر التي راحت تمسحُ على قلوب أهله ورُبما أخذت تغسلُ بعضاً من ألمهم .. أو ربما كانت السماء تواسيهم حينها ..
قمتُ بعد توديع والدي في طريق العودة .. حدث شيء لم يكن في الحسبان ..
وجدتُ صعوبة في الخروج من هناك ..
فنتيجة سقوط المطر أصبح هُناك ( طين ) تربة مبللة والسير عليها صعب!
ثلاث محاولاتٍ فاشلة أقعُ فيها ضحية المطر هناك .. أو ربما شيء أكبر لا أعلم تفاصيلهُ بعد ..
المحاولة الأولى عند قبر والدي : حذائي الذي أخذ يختفي في تلك التربة المبللة!
و الثانية : عباءتي التي علقت بصخرة أحد القبور في وسط المقبرة !
والثالثة : رؤيتي لأحد أهالي الشاب وهو يتوسدُ ألمه على فراقه عند المغتسل !

ونتيجة كل المحاولات :
في الأولى : شعرتُ بغصةٍ في خاطري .. فربما أكون جسداً تحت التراب قريباً !
في الثانية : رُبما صاحب هذا القبر يُنذرني بموتي القريب !
أما الثالثة : حنينٌ وعاصفة ذكريات حين فارقنا والدي ونحنُ نهمُ في الخروج من المُغتسل ...
وقفتُ عند بوابة المقبرة وشعرتُ بوجعٍ في مفاصل قلبي .. رفعتُ رأسي أناظر تلك الأشياء من حولي ..
الطين والقبر وأهل الفقيد ..
وصرختُ في ذاتي :
ما حالي في يومٍ أتوسد التراب فيه ولا أجدُ شيء سوى أهلي ينتظرون وصول جنازتي !

ليست هناك تعليقات: