الأربعاء، 14 سبتمبر 2011

الجزء المفقود من الذاكرة ..


الجزء المفقود من الذاكرة
إن أردت استرجاع هويتك فانظر تاريخ سترة .. وإن فقدت نفسك فكن على ثقة بأنك ستلتقي بها هناك بين الجنائز , لا تسأل شاهد القبر عن الاسم فيكفي أن تشم رائحة القتل من على بعد أمتار من ذاكرتك .. نعم .. ربما ننام أنا وأنتَ على صوت الطائرات المروحية ورائحة الغازات السامة في كل ليلة .. لكننا لم نشرب القهر والظلم في كوب قهوتنا ونحن نقرأ صحيفة الصباح ولم نأكل طعام المساء ملوثاً بدم حبيبٍ لنا أو صديق .. ولم نسير متجهين إلى مدرستنا بلا رفيق دربٍ اغتاله الوطن صباح العيد .. وألف لم ولم .. و مهما اختلفت أسباب الوفاة يتفق الجميع على أن الموت جاء سريعاً ليلتهم من ذاكرة سترة جزء آخر . يطيب لي ولك أن ننسى الوجع حين نفقد جزء من ذاكرتنا , هذا الجزء اسمه " سترة " كيف يا ترى ؟
هذا محال يا صديقي لكننا نسأل أنفسنا دائماً  : تُرى لم كل الأحداث واقفة وإن تحركت تراجعت للوراء و إن تقدمت تقدمت بقوافل الشهداء ؟من أتعس دروس هذا الوطن أنه علمني ألا أبتسم طويلاً وإلا سيداهمني بما أكره وسيكرر ذلك .. لكني هذه المرة لم أبتسم .. أشعرُ بأنه خدعني ! يا تُرى هل ابتسمت سترة للحظات حتى غرقت في هذا الحزن لسبعة أشهر متواصلة ؟
ـــــــــــ
بعض الأحيان أحن لحياتي قبل 14 فبراير ولكني لا أتمناها .. أحنُ لتفاصيل الأمان فيها لا أكثر ولا أقل .. أجدني أغرق في كل شخص  عرفته, ميزته عن غيره .. دخل قلبي من عقله .. إنهم أكثر مما تتصورون .. أساتذة وزملاء وأطباء وبسطاء ولا أعظم منهم يتوقون للحرية ولا يخشون القيود , يتحدثون بإصرار عن بناء مستقبل صغارهم , يفكرون قبل اتخاذ أي قرار كان  .. الجدير بالذكر أن 14 فبراير رتب صفوف الوطن من جديد .. وأعاد للنخلة ثوبها المنزوع وللؤلؤ ثمنه الغالي وللبحر مكانه وللإنسان تاريخه وزمانه ..
ما أصعب هذا التاريخ ,  يشبه النفايات المتراكمة , الفرق بينه وبين تلك النفايات أن من يبحث عن قوت يومه بينها بشر مثلنا يأكلون على حساب الغير , يشتمون ويقذفون ويتآمرون باسم الوطن .. عجبي ! فهل يعرفون ما معنى الوطن أم أنهم يتجاهلون ذلك ؟؟
ــــــــــ
اليوم رأيتُ بأم عيني مجموعات شبابية من القرية تقوم بتنظيف الشوارع وتجميع النفايات التي انقطعت خدمات البلدية عنها  لمدة 3 أيام تقريباً , وكأنها تعاقبنا عقاباً جماعياً غير مدروس .. كانت هذه المشاهد كفيلة بأن ترفع من سقف سلمية الثورة وحضارتها و وعيها .. شارك فيها الشباب والأطفال والرجال ..
ــــــــــــ 
كم أتمنى وطناً حراً يليق بشعبه .. سأغفو لعلي أراه هناك .
تصبحون على عصفورين من أعلى الشجرة يدعون رب هذا الكون بأن يحفظكم ويحفظ  وطني وأوطانكم..

ليست هناك تعليقات: