الثلاثاء، 6 ديسمبر 2011

غابت شمس عاشوراء وبقى الحسين !


غابت شمس عاشوراء وبقى الحسين !
ويطل علينا هلال الحزن باكياً .. يشدنا من قلوبنا إلى حمرة الشمس في ظهر العاشر من محرم .. فلا نسمع إلا صهيل الخيول و نوح المحبين .. أقتل الحسين عطشانا ..؟!
في هذه الطرقات الضيقة التي اتسعت كلما  زاد عشاق الحسين زحفاً إليها في كل عام . هنا ارتدى أجدادنا السواد حداداً وحزناً على مقتل سيد الشهداء , هنا صنعوا تاريخاً عريقاً وتراثاً حضارياً باسم الحسين ,هنا سقطت دموعهم وبكت قلوبهم, هنا لطموا الصدور وجسدوا شخصيات أبطال كربلاء , هنا سارت الخيول والجمال في موكب تمثيلي متقن لا ينقصه إلا بكاء الحجر والشجر , هنا زرعوا حب الحسين لنحصد ثماره نهضة  تضيء دروبنا الحالكة , هنا كانت كربلاء مصغرة فكبرت في قلوبنا .. كربلاء التي صنعت من 61 للهجرة صحوة لمن ضل عن دين محمد .. هنا أجدادنا كانوا , وأحيوا ذكرى عاشوراء كما نحييها لم يتغير شيء , سوى أن أصابعنا شاركتنا الإحياء وهي تضغط حبات الكيبورد بحثاً عن تاريخ يشبه تاريخ الحسين و لكنها لم تجد  ولن تجد ذلك أبداً .. وهذا سر كربلاء !

ما إن أطل فجر العاشر حتى لاح الحزن واسودت الدنيا حزناً على مصيبة الحسين وآل بيته الكرام . ولأن الحسين مختلف , كان وراء الحزن فرح بطعم الإيمان ,وخلف الشمس الحزينة شمس أخرى أشد حرارة وضوء منها .. شمس الحرية والخلاص من العبودية والظلم , شمس كشفت أشعتها نقاب الزيف والنفاق عن وجه بني أمية وأتباعهم , وأسقطت كل الأقنعة الملونة ,وحرقت وجوههم , ورفعت راية الحسين على رأسها معلنةً أنها أشرقت على نوره وباسمه  " والفجر وليال عشر " آية قرآنية ..  تعكس واقع فجر العاشر من محرم , وتؤكد على أن حقبة الظلم والطغيان انتهت ,وبدأ فصل من فصول العدل والكرامة والحرية  بمصيبة الحسين .. بالتحديد في فجر العاشر من محرم ..

الحسين ما زال فينا .. نتنفس عبق شهادته .. نخط الحياة كلما مر عام من أعوامنا بحبر دمه , ونرسم أمانينا على حبه .نفتش عن واقع إنساني راقٍ يحفظ لنا حقوقنا كبشر , يمنحنا الأمان ويخشى علينا من الذل والهوان .يعطينا جرعات من القوة والصبر على المصائب من أحزانه وأوجاعه . نبتسم كلما ضاقت الدنيا بنا هماً بمجرد ذكر اسمه , ونبكي كلما مر  علينا ذكر عطشه . نواسي بعضنا البعض كلما تكالبت الدنيا علينا ولا نلوذ إلا إلى شباك ضريحه . ندعو الله بحقه أن يمسح على قلوبنا ويخفف من آلامنا  بحق صبره . بحق عطشه .بحق رأسه المقطوع  .
أصبحنا لا نخشى من الظلم ولا نعترف بأصحابه , لأننا صرنا نواجهه  بصرخته المزلزلة لعروش الظالمين " هيهات منا الذلة ." و سنبقى نردد "  هيات " أن نتخلى عن ذكره وعن إحياء ثورته الشريفة ,مهما قتلتم ,و سجنتم ,و عذبتم ,و جندتم الجلادين والقتلة لأجل ضربنا على رؤوسنا ,معتقدين بأننا بهذه البساطة ننسى الروح التي تسكننا ,وتمدنا بزاد الدنيا والآخرة .. فسلام الله عليك يا أبا عبد الله يوم ولدت ويوم قتلت ويوم تبعث حيا .
...........
سؤال مثخن بالجراح .. ما حال زينب الآن ؟؟
شعرتُ بمرارة الفقد والوحدة والألم .. شعرتُ بالضياع وتذكرتها .. أقسم بالله أني تذكرتها وكنتُ أبكي على حالها في صبيحة اليوم الثاني من وفاة والدي .. شعرتُ بأنها معي  تقاسمني تلك المرارة !!
..............
شوق للأمان يشدنا من قلوبنا إلى البقاء في أجواء عاشوراء ..
تُرى هل سيغيب هذا الأمان بعد أيام قليلة ؟؟
أعني أننا لن نشم الغازات الخانقة ؟ ولن نسمع دوي انفجار القنابل الصوتية , أو صفارات الانذار الخاصة بسيارات الشغب ؟؟ ولن نسمع عن حوادث دهس متعمدة أو قتل أو اعتقال أو مداهمات ؟؟؟
لأول مرة وبعد الهجوم الثاني على الدوار أشعر بالأمان لمدة عشرة أيام قضيتها في رحاب الحسين .
إن كانت هذه مجرد تساؤلات فلا خير فيها !

ليست هناك تعليقات: