الاثنين، 9 فبراير 2009

يتبع .. تسعينياتُ وَطني ..!



لشهرِ محرم الحرام حديثٌ خاص ..!

شهر محرم .. وبالتحديد في الأيام العشرة الأولى .. امم واذ لم تخني ذاكرتي في الثامن .. أو التاسع من شهر محرم , الحصار كان يقيدُ حركة القرية .. لكن حب الحسين ينعش أرواحنا .. فلا يخفى على السماء صوت البكاء ... والتجهيزات كما هي قائمة على قدم وساق .. وكل ما يلوث الأجواء .. نرميه وراء الظهور .... وكما ذكرت .. بأننا نعيش أجواء حصار وهذا يعني حينها .. عدم التجول .. غلق البرادات .. ووووو الكثير .. وأنا وشقواتي صنعنا الكثير .. عمتي التي زارتنا في يوم الجمعة والتي تعيش في مدينة جدحفص ( المدينة الآمنة نوعاً ما حينها).. تعرف مدى شقواتي وحبي لبعض المأكولات التي كانت محال أن نشتريها في تلك الفترة .. لأسباب الحصار .. فجائتني بها ..أنا والتوأم أبناء عمي .. رأيتُ في عمق ذلك الكيس ما أحب من (المينو).. كما نسميه .. فأخذته بكل سرور ولم يشدني شيئا آخر .. السعادة .. أنستني أن الخروج ممنوع .. فعند اتجاهي للباب .. رأتني أختي فابتسمت بوجهي وقالت : ( حبيبتي ... دعيني أتذوق منه شيئا .. ) ناظرتها بغرور .. وصرخت بوجهها :( ابتعدي لن أعطيكِ منه وسأتناوله لوحدي) ..
قالت لي :( حسنا لا تخرجي .. الوضع متأزم .. عودي .. ) ولكن منذ متى وأنا أسمع كلامهن .. خرجت مع ابنة عمتي .. وكنا ننشد في الشارع .. أو نشتم الشغب .. بعبارات لطالما رددناها سابقاً ولا أتذكر منها شيئاً... وبينما نحن كذلك وإذا بصوت الأشباح يعود :( عدن إلى بيوتكن وإلا أطلقنا النار .. هيا ... ) وقفتُ كالمصدومة .. أرتجف .. أبكي .. أسير .. أركض .. ماذا أفعل .. نظرت إلى الوراء .. فاذا بهم 4 سيارات خاصة .. (مخابرات وشغب)... مشيت أهرول إلى المنزل فقابلتني أختي نفسها التي طلبت مني تذوق ما عندي وعدم الخروج من المنزل ... ضحكت عليّ وأدخلتني المنزل ... فذهبت إلى زاوية مجلسنا و(المينو بيدي )ولم أتذوق منه شيئا ... كانت تضحك عليّ وتقول : ( أنا نهيتكِ عن الخروج .. وطلبتُ منك أن أتذوق ما بيدكِ ... لذلك عاقبك الله على رفضك ).. وأخذت تتناول (المنيو).. وأخذت أنا ابكي على حالي ..!!
كلما تذكرت هذا الموقف .. ضحكت .. فهو ببراءته يذكرني بتفاصيل العفوية في طفولتي ..
وما زالت أختي .. تذكر ابنتها البالغة من العمر 4 سنوات حينما تطلب منها شيئا فترفض وهي تضحك لعلمها بسخرية الموقف وبراءته :(لا تكوني كخالتكِ ... التي عاقبها الله على نفس هذا الموقف) ...
وأنا أكرر دائماً .. ماضينا نحتفظ به لأنفسنا .. لنقدم لأبناء الأجيال المقبلة العبر والحكم فقط .. فهل ستعود ذكرى الطفولة التي عشناها نحن لهم؟! .. بقسوتها .. بمرارتها.. وختام مسكها ..؟!!

أبداً لا أتمنى ذلك ...فحتى الحلو منها يوماً ما كان أمر من المر نفسه ..!!
لا أتمنى .. لا تعني بُعد تلكَ الأيام عنا .. فها هي الآن أقرب إلينا ..
يا رب احفظ وطننا !!

هناك تعليق واحد:

سيد أحمد رضا يقول...

مرحباً ...

لا يتمنى أحد إن تعود تلك الايام ليشهدها الجيل الجديد, ولكن حماقتاً ما تعيد هذه الايام لمجرها الاول وظلم الناس يعيدها شيئاً فشيئاً ...

وبرغم مرارة تلك الايام ورعبها الساكن في قولب الناس, وآلمها, إلا إنها ايام لا تنسى إبداً, كانت تلك الايام تحمل التناقض ..
فبرغم رعبها إلا انها مئنسة
وبرغم آلمها إلا انها مضحكة
وبرغم تعبها إلا انها جميلة

تناقض "نعم" ولكن عندما تخوض غمار الذكريات وتعود لتلك الايام, تتحمس وتذكرها وانت تضحك, تبكي, تترئف ..إلخ