السبت، 11 يوليو 2009

الممر الأزرق يخنقني !


الممر الأزرق يخنقني !


(ما يؤلم القلوب.. عندما لا تجد يد حنون تمسح عليك وأنت على فراش المرض) ..

الانتظار في ممراتهم الزرقاء تخنقني .. فتأتي على هوائي وتحاول العبث بأعصابي ... ولولا الضرورة لما فارقته لحظة واحدة .. لكن ملاك الرحمة ( ويا لها من رحمة) طلبت مني ذلك .. أثناء قيامها بالفحص الطبي .. أخذت هاتفي وخرجت من الغرفة .. وقفتُ عند الباب لفترة ولم تخرج .. كنتُ قلقة حينها.. وهذا ما دفعني إلى المشي في ذلك الممر الخانق .. وحدي أنا ..
كان صوت حذائي مزعج .. لذا حاولت السير بخفة .. وصلت في نهاية الممر .. وكان باب إحدى الغرف مفتوح .. فضولي وربما شفقتي وحزني على ما كنت أرى جعلني أقف لبضع دقائق عند باب تلك الغرفة ..
أوجعت قلبي أكثر .. امرأة مسنة على سرير أبيض .. ترعاها يد أجنبية ..
(ماما مو جدي ياكلون .. انتي مو بيبي ماما) ..
ياه .. أخذتني دموعي إلى حال هذه المسكينة .. تذكرت ابنتها .. نعم نعم أظنها ابنتها .. جاءت لمدة ربع ساعة وخرجت بالأمس .. رمت بثقل هذه المسئولية على خادمة ربما تخدمها بكل ما تستطيع لكنها تفتقد للحنان والحب ..
بكيتُ كثيراً حينها .. ( ربما لأني أوصف دائماً بالحساسة ) لكني لا أعتقد بأن هذه المواقف تتحمل نظرة شفقة فقط .. لو كان بيدي لدخلتُ وأطعمتكِ بنفسي ..

موقف آخر في ممراتهم التعيسة ..
خرجت من غرفة والدي متجهة إلى (الكافتيريا) لشراء الماء .. وفي الطريق ..
اصطدمت بعجائب الدنيا من رجل مسن خلا من الاحترام .. للمرة الأولى أرى في حياتي رجل في هذا العمر يتلفظ بألفاظ المراهقين ويا أسفي .. هو بين رحمة الله وفي نعمة الشفاء من الذنوب لكنه لا يعي لذلك .. ناظرته باستخفاف وأدرت بظهري ..

موقف أكثر تعاسة ..
بينما أنا أتحدث في الهاتف مع والدتي في الممر التعيس وإذا بصوت أحد المرضى يؤن من شدة الألم ..أغلقت الهاتف وصرت أتألم مع صراخه ..
تعجبتُ لملائكة الرحمة وهم يتسامرون .. إحداهن كانت تتحدث بصوت عالٍ عن حفلة العرس التي حضرتها ليلة البارحة وعن الوجبة المقدمة للمعازيم وعن فستان العروس وحركات العريس !
والأخرى .. تضحك على ما تسمعه محاولة التعليق على كل ما تسمع من زميلتها ملاك الرحمة!
والمريض يصرخ وينادي ولا من مجيب !

صرت أبحث عن مفهوم الملاك في قاموس وزارة الصحة فلم أجد .. إذاً لا ملائكة للرحمة إلا ملائكة الله ..

ليست هناك تعليقات: