الأربعاء، 16 سبتمبر 2009

عُمرنا أقصر بكثير من أمانينا !




عُمرنا أقصر بكثير من أمانينا !
( ابتسموا)




قالت :
العمرُ يمضي ونحنُ معه ..
قلتُ :
كفاكِ , فكل الأشياء تمضي مع العُمر إلا نحن .. إما نموت أو نحيا بصعوبة ..
قالت :
وكيف ؟
قلتُ :
تضيعُ الذكرى .. وينهشُ الزمان أفراحنا وتمضي الأحزان تسامرنا في ليالينا .. ونبقى نحنُ كما ولدنا .. يلفنا الحزن في مهدِ أمانينا ..
قالت :
وكيف للحزن أن يلف تلكَ الأماني الصغيرة في مهده وهو أصغر الكائنات..؟!
قلتُ :
وهل الحزنُ أصغر تلك الكائنات ..؟!
أبداً .. الحزن هو ذلك الذي يحيطنا من جميع الجهات .. من شرق المحبة وغرب الكرامة وجنوب الاحترام وشمال الإخلاص ..
نعم .. هو ذلك الكائن الذي يمتصُ منا رحيق الإحساس بالحياة .. ويجعلنا شبه أموات .. نلوذ بأنفسنا على ما مضى .. ونجلس في زوايا حياتنا نجمع تلك البقايا الصغيرة من سعادتنا .. فنمضي كالفقراء نعشق فتات الخبز الذي صنعته لنا أيادي الأحبة .. ونستطعمها بطعم موائد الملوك .. وننام على وسادة التراب الخفيف الذي يتحول طيناً في الشتاء ولهيباً في الصيف ..
قالت :
جعلتِ الحزن أسود!
قلتُ :
أكان يوماً أبيض؟!
قالت :
ربما .. في بعض الأحيان ..
قلتُ :
وكيف ؟!
قالت :
عندما نكره تلك الصرخة التي تخرج بصوت الواقع وتزلزل كياننا الصغير !
قلتُ :
وكيف له أن يكون أبيض مع هذه الصرخة ؟!

قالت :
قد تؤثر فينا صرخة الواقع فنستيقظ من كابوس أحلامنا وهواجسها التي لازمتنا طوال الحياة ..
قلتُ :
تقصدين الضياع !
قالت :
الضياعُ وحدهُ هنا .. يكون مفتاح جميع الأبواب !
قلتُ :
أي أبواب .. أشعر أني أسيرُ معكِ في متاهة !
قالت :
نعم ذلك الضياع الذي ينتج من صرخة الواقع فيجبرنا على البكاء .. ويزيل عن أعيننا الغبار ويمدنا بالأفكار ..
قلتُ:
وحده الضياع يعلمُ بما نحملُ في داخلنا !
قالت :
نستطيع أن نجعله طريقنا الصحيح ..
قلتُ :
وكيف وهو يُقطعنا إربا إربا ويرمينا إلى الكلاب الضالة من الأوهام والأحزان في لياليه الطويلة الباردة ؟!
قالت :
أبداً .. نحن من نرمي بأنفسنا إليها .. لأننا نعيش دور الأعمى فنتقنه ونعيش دور المسكين فنلازمه ونشعرُ بالفخر ونحن نعيش دور الضعيف المنكسر فنندمُ عليه ..
قلتُ :
وكيف لنا أن نعيش كل تلك الأدوار في آنٍ واحد ؟!
قالت :
بكلمة واحدة !
قلتُ :
ما هي ؟!
قالت :
النهاية!
قلتُ :
وهي جزءٌ من الواقع ..
قالت :
هي جزءٌ لكنه ناقص !
قلتُ :
وهل يأتي بعدها شيء ..؟!
قالت:
بالتأكيد ..
قلتُ :
وما هو ..؟!
قالت :
الأجمل في الحياة ..
قلتُ :
و ما الأجمل في ذلك ..؟!
قالت :
أن نبدأ من جديد ونسير بحذر وثبات .. ونخطو خطوات ثابتة نشقُ فيها أنفاسنا بأمل وإن تعبنا في ذلك ..
قلتُ :
تقصدين الأمل بمفرده ؟!
قالت :
ومن غيره ..
قلتُ :
لكنه يجعلني أعيش في مصحة المجانين وأبقى بينهم الأعقل رغم جنوني الكبير !
قالت :
وتلك هي البداية .. لنهاية كل شيء عابر في الحياة ..
قلتُ :
إذا كلنا عابرُ سبيلٍ في هذه الدُنيا !
قالت :
بل كلنا يعبرُ الآخر !



( لكي أعيش وأنا أحمل أملاً إلهياً يشفيني من علل الدُنيا لا بد لي أن أتحدث معها .. أعني دنيتي هذه .. وقد يوصلني حديثي معها إلى طريقٍ ما يقلُ فيه الشوك وتكثرُ فيه حكايا الزهور !)..
ابــتــسموا ...
للذين داسوا على أملهم , وشقوا جيبوهم وجزعوا على ما فات ..
ليست الدموع مفرنا من واقع ولد أحزاننا ...
وليست الأحلام طريقنا ..
وليس اليأس سر حياتنا الغامض ..
ابتسموا ولو غرقتم في بحر دموعكم ..
ابتسموا وشقوا الطريق بأملكم ..
فهناك من يدوس عليكم وإن احتضنكم ..
لا تثقوا بحزنكم ..
فطريقه الجنون وجوازه دموعكم!



حتى أموت لا بد لي من أمل !

هناك تعليق واحد:

واحة خضراء يقول...

" نبدأ من جديد ونسير بحذر وثبات .. ونخطو خطوات ثابتة نشقُ فيها أنفاسنا بأمل وإن تعبنا في ذلك .. "

انها حُروف الأمل التي تنطق في وجه اليأس ..

حُروفك ضياء

شكراً