الأحد، 28 فبراير 2010

ورحلت هي الأخرى .. إلى جنان الخلد جدتي !




ورحلت هي الأخرى .. إلى جنان الخلد جدتي !



شيء يزاحمك في حياتك .. يخترق منافذ الفرح ويُفتش عن سبب فرحك القليل .. ليسرق من صندوق حياتك أغلى الأرواح ..
كيف لا تشعرُ بالضياع وأنت كلما اقتربت لمن تُحب .. ابتعد عنك !
مُجرد مزاح ثقيل من دُنيا فانية ..
كنتُ كلما شعرت بالضيق ذهبت لأجلس معها .. فتسليني بحكاياها.. كانت صديقتي التي تكبرني بأعوام وأعوام .. علاقتي فيها تُشبه علاقتي بأغلى الصديقات ..
كل الصباحات صفراء ما دُمنا نؤمن بأنها تفتح أبواب الحياة بلونٍ مُختلف عن الألوان السابقة ..
كنتُ أشعر به يقتربُ مني ..
ضحكنا كثيراً ليلتها .. أنا وأختي .. وابنيها !
علي كان يُغرقنا في الضحك كلما غرقنا في أحاديثنا وإبراهيم الحفيد الجديد كان يبتسم بشدة !
قبل أن أغلق باب الغرفة .. قلت لها : تصبحين على خير .. بس أكيد ورا هالضحك مصيبة !!
ناظرتني وهي توافقني بما كنت أشعر به ..
حاولت أن أغمض جفوني أكثر من مرة إلا أنني فشلت .. فوقعت ضحية الدموع والذكريات لأكثر من ساعتين ..
والدي .. والدي .. والدي .. وصياغة الأحداث نفسها مع جدتي ..
كنت أفكر ماذا تفعل جدتي الآن ؟!
أهي بخير !
أوووه لم كل هذه التساؤلات المُزعجة .. غداً سأذهب برفقة أختي لها .. وسأحدثها أيضاً .. لا بد أن أصبح أقوى مما عليه الآن .. سأدخل إلى هناك .. وأدوس على كل الآلام ..
ICU
الغرفة نفسها !
في آخر يوم ذهبت .. خرجت منهارة تماماً .. وعدتُ لأغلق باب غرفتي وأضجُ بنفسي ..
لم تعاندي الأيام والأقدار ..؟!
لم تقسو عليّ الدنيا بأهلها !
النوم .. النوم .. النوم .. أريد أن أنام بلا تفكير !
نجحت !!
أغلقت جفني أخيراً !
بتول ..
أفقت من نومي المزعوم .. على صوتها المتكسر !
الساعة التاسعة صباحاً وعشر دقائق !
الجمعة ..
26-2-2010 م
بتول ..
ناظرتها بطرف عيني المُتعبة !
ماتت .. جدتنا .. ماتت .. قومي .. ماتت ..
لم أحرك ساكن .. فربما أنا في كابوس آخر ..
ما في وقت قومي .. عشان نلحق نودعها .. الجنازة قريب بتوصل !
خرجت أختي .. وتركتني لذلك الصباح يصفعُ وجه آمالي !
قدم لي هديتهُ وأنا على فراشي أعد شقاء الأيام الماضية ..
أيها الصباح التعيس ..
خدعتني !
كنت أعيد ترتيب أفراحي .. أوهمتُ نفسي بأن القادم لا بد أن يكون أجمل !
قطار الفقد سريع .. برغم طوله .. يتحداني ويسخر من آمالي ..
أوقعني في قاعٍ لا مفر منه للمرة الألف في هذا العام !



أنا قـويـة !!
أن أناظرها وهي تودعنا في ذلك التابوت .. وقلتُ لها بصوتٍ مخنوق ما كنتُ أخجل من قوله : أحبكِ جدتي !
لحظة !!
كيف ستكون أيامي القادمة !!
جدتي .. عندما رحل والدي وجدتُ نفسي بين أحضانكِ .. وبين دفء حنانكِ .. ماذا عني بعد رحيلكِ القاسي هذا ؟!
أين سيكون موقعي !!
عزرائيل .. أخذتني في جولةٍ لا جمال فيها .. وسرقت مني ما تبقى من جميل العُمر !
اسمعني .. وحقق لي ما أريد ..
خُذني في جولةٍ طويلة إلى ذلك العالم .. بشرط أن لا أعود .. أرجوك .. ما دام أحبتي قد ابتعدوا عني ..
عذراً لكل الأعوام التي اتهمتها بالقسوة وأعلنت صارخة لآخر يومٍ فيها بأني أكره كل تفاصيلها .. عذراً .. عذراً ..
لم أكن أعلم أنكِ الأجمل والأفضل .. عاميين من الشقاء كنت أظنهما يحملان من السعادة الكثير لكنهما قطعا قلبي !!
العام التعيس انصرف منذ شهرين تقريباً مُخلفاً الكثير من وجع الذكريات .. والعام الثاني بدأ ببعض الآلام المُتفرقة منذ شهرين أيضاً فكانت النتيجة نزيف حاد في خلايا الصبر بعد فراق الأحبة !
و ثمانية أشهر والأسود يخنقني..
7
8
9
10
11
12
1
2
وأظن أن البقية لا تختلف في شيء !
ما أغبانا حين نثقُ في الزمان وأهله .. لنتلقى الطعن من الأمام وبنظرة شوق لا رحمة فيها !
أرجوكم ..

لا تُقدموا لي من هدايا الآمال شيء .. يكفيني نزفي الأخير الذي لم أجد ما يخفف حدته إلا صدمة بعد صدمة وألم بعد ألم !
جدتي السيدة العلوية ..
( ذات العروق الخضراء ) كلنا أصبحنا نعشق الأخضر .. وننظر له بأنه اللون المفضل الذي يحمل ما يحمل من رقي ومكانة ..
كلما دخلنا غرفتكِ الخالية من تفاصيل الفرح ورأينا ذلك اللون الذي لطالما ضحكنا عليه عندما كنتِ تقولين بأنه لون ( السادة ) بكينا .. بكينا وتفطرت قلوبنا ..
حكايتي .. كلما اقتربت من جدارك لأغير لونه الشاحب .. وجدتُ أقداري تعاندني ..
صديقاتي .. أعتذر عن وعودي في أن يعود قلمي ليكتبُ تفاصيل الحياة الجميلة كما كان يفعل سابقاً .. اعذروني .. اعذروني .. فكل الأحداث خارج نطاق يدي .. ولا أملك شيء يعيدني كما كنت إلا بقية صبرٍ متناثر .. أخاف عليه أن يتطاير هو الآخر ..

على أمل دنيتي السلام وأنا أشوف العُمر ظلام .. على لهيب الصبر أموت .. ولا بقت كلمة للعمر ولا بعد ينفع الكلام !

إلى جنان الخُلد جدتي ..

هناك 5 تعليقات:

غير معرف يقول...

يكاد قلبي يتقطع لشدة الألم..
فأكثر ما يؤلمني رؤيتك محطمة الفؤاد..
ففي كل يوم كنت أكرر أمنيتي في ذاتي "أن تعودي بتول التي أكبر همها درجتها"..
يبدو أن أمنيتي باتت بعيدة المنال..
عزيزتي..
كوني قوووية ..
بإمكانك تخطي هذا الأمر كسوابقه .. فقط كوني "بتـول"..

غير معرف يقول...

لا حُول ولا قُوة إلا بالله العليْ العظيمْ ،

انا لله وانا إليه رآجعُون ،

تعزّيْ بعزآءْ الله أخُيتيْ ،

خُذيْ من صبرْ زينبْ الحُوراءْ ..

الله يرحمها برحمته الوُاسعة ، ويسكنها فسيح جناته ، ويلهمكمْ الصبرْ والسلوان ..

كُونيْ أقُوى مما أعرفشْ بتُول ..

كلنا على هالطريقْ مآشيين ، وهذيْ سنّة الحيآة ، همْ السآبقُون ونحنُ اللآحقُون ..

الله يرحمْ مُوتانا ومُوتاكُم ومُوتى المُؤمنين والمؤمنآتْ . .

بُكائِيَّة يقول...

توأمي المختلِفة ..
أنا واثقةٌ من صبركِ الطويل ،
فقط .. كوني كما قال الجميع
كوني " بتول " !

واحة خضراء يقول...

انا لله وانا اليه راجعون

عظم الله لكم الاجر

البقية بحياتكم

جناح الشمس يقول...
أزال المؤلف هذا التعليق.