الجمعة، 27 مايو 2011

وطني و بس !

لستُ أدري لم كل هذا العناد الذي يجتاحني .. فأنت لم تعد أنت وأنا لم أعد أنا ..
أيها الحبيب .. أتعلم أني أشتاق جداً لسماع صوتك عند الصباح .. أعني صوت شوارعك ..
أبواق السيارات كانت تحدثنا عن يوم جديد .. لا فرق بين قراك ولا مدنك .. كنت أقرأ يوميات شعبك من نافذة سياراتهم .. فهذا يبدو فرحاً وذاك يتألم وآخر يحمل أملاً على ظهره إلا أنه يبدو صابراً محتسباً ..
فقدتكَ حين فقدتَ ثقتكَ بشعبك ..
مايو التعيس .. لم تكن أفضل من أبريل في شيء .. فقد أخذت من أحبتي أكبرهم ومضيت كأنك لم تفعل شيء .. ياااااااااه ما أثقل هذا العام والأعوام التي سبقته !
في الجامعة أبدو أكبر من عمري بكثير .. ملامح وجهي تغيرت جداً .. فكلما ابتسمت هرمت أحلامي فيك .. ( هذا ما تقوله لي زميلتي في كل صباح ) !
أسير بعد نقاط التفتيش إلى مبنى الآداب .. وعند البوابة يستقبلني شبيهك في الأحزان يبدو متعباً هو الآخر .. أظنه أنت .. أشعر بالفرح وأقول : إنه وطني .. ما أسعدني والله وأنت تستقبلني ..
وما هي إلا لحظات حتى تتلاشى .. أقترب أكثر .. فيطل الأخضر بوجهي .. يرفع صوته .. ويهددني بالشنق إن بقيت أكثر !
أهرب سريعاً إلى نهاية الممر .. أجلس أراقب هؤلاء .. إنهم لا يشبهوني في شيء .. أبحث عن زرقاء صديقتي الجديدة .. أبحث عن زميلاتي وزملائي .. لا أجد أحد .. أرفع رأسي إلى السماء قليلاً .. أعني إلى سقف المبنى .. فتحييني تلك الكاميرا .. أبتسم وأقول " سحقاً تراقب عيوني وهي تبحثُ عنكم وحين يُقبض عليً ستكون تهمتي الحزن والشوق  " !
أشعرُ بالاختناق .. الوحدة هناك تمزقني .. أخرج متوجهة إلى مبنى الإعلام .. يُفتح الباب .. أناظر الجهة اليمنى .. أبحث عنهم مجدداً .. فتلوح لي تلك العبارة الثقيلة ( المبنى مراقب بالكاميرات الأمنية ) !
أووه كيف نسيتم مراقبة قلبي .. إنه خائن .. والله خائن .. هو هنا إلا أن نبضه هناك إما في السجن أوفي  غرف الإعلاميين الجدد يقلبُ أوراق الفصل حينا وحين آخر ينقطع بحثاً عن متنفس !
أفضل الجلوس في المبنى الذي جمعني بهم .. أجلس في انتظار المحاضرات .. وأسرح بحثاً عنك يا وطن .. تقطع حبل أفكاري دمعة ساخنة تحرق ذاكرتي .. أناظر ساعتي : حان وقت المحاضرات ..
المحاضرة الأولى فيها تتحدث الدكتورة مع زميلي الصحفي ( النزيه !!!) عن لعبة الإعلام الخارجي في فبركة أحداث البحرين .. وحين أتحدث أنا تزعم أن الوقت انتهى .. تسألني عن اسمي في المحاضرة أكثر من مرة .. تريد حرق أوراقي .. ألستُ خائنة إذاً يحق لها فعل ذلك !
في المحاضرة الثانية يبدو الدكتور لطيفاً معي .. وهذا يريحُ قلبي كثيراً .. أخرج متوجهة للمحاضرة الأخيرة .. يعرض الدكتور صوراً لرصاصة تخترق تفاحة ( تبدو الصورة غاية في الروعة ) ويبدأ بشرح تفاصيل التقاطها .. تصرخ إحدى محبي أبو متعب ( يمه شلون هذي صورها .. قلبه ما عوره .. آنا قلبي عورني .. شلون قدر يصورها ؟! )
أناظرها فيحترق قلبي تماماً .. أشم رائحة الدخان .. تخنقني .. تتناثر ذاكرتي على الطاولة المستديرة .. في عيوني ترتسم صورة الشهيد عبدالرضا بو حميد والشهيد الحاج عيسى والشهيد خضير والشهيد أحمد فرحان .. تتبدل ملامح وجهي إلى ملامح الشهيدة بهية .. وسرعان ما تنزف عروقي قهراً ..
وفي محاضرة الصحافة الوحيدة .. تلك التي أنتظرها بفارغ الصبر .. أكون بمفردي تماماً .. دخلت القاعة أبحث عن زميلٍ كان معي .. وعن زميلة أخرى للتو قد تعرفت عليها بداية الفصل التعيس .. وجدت المقاعد خالية .. اسمي أيضاً كان كارثة بالنسبة لبقية الزملاء فهذا اسمه يدل على جنسيته المصرية وآخر يعشق درع الجزيرة !

اليوم الخميس .. يوم إجازتي .. دعني أتلو عليك مطالبي , فأنا صائمة عن الأحلام والأماني .. لا أظنك تشعر بي .. أراك أخضر بعد أن كان نصفك الأول أبيض والثاني أحمر ..
أيها العلم الخائن .. كيف لم يتهموك بعد بالعلاقة المباشرة والصريحة مع دول أجنبية .. أليس من الظلم أن يتهموا قلبي بالولاء لإيران أو حزب الله ولا يتهموك بالولاء لوحوش الغابة !
كنتُ أسأل نفسي  قبل أيام ,لم أكتب في حكايتي بلغة لا تشبه لغة الإعلام ؟!
أعني لغة المصطلحات والجمل المجردة من التشبيهات والمفردات الأدبية .. وقد سألني بعض الزملاء من قبل ..
وجدتُ الإجابة : هنا .. المكان الوحيد الذي أبوح له فينصت لي تماماً كما ينصتُ لك أقرب الأصدقاء .. أتبوح بما يجول في خاطرك لصديق قريب بمقالٍ أو تقرير أو تحقيق أو مقابلة أو خبر صحفي .. على أن يسمعك بقلبه ؟!
هذا شيء محال في اعتقادي ..
..
غداً الجمعة , كم أشتاقُ للصلاة خلفكَ يا قاسم .. أعذر نفسي وأعذر تلك الشوراع ..فقريتي لا تختلف عن شقيقاتها القرى في شيء .. قلبي يصلي خلفك في كل أسبوع.. يسجدُ لله ويركع ..ولن يركع إلا لله .. دمتَ قائداً للوطن ولنا ..
غصة وقهرو أمل وخوف وانتظار وحزن وبس !

هناك تعليق واحد:

غير معرف يقول...

"واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين"

فرّج الله عنكم وجعل نصركم قريبا =)

صادق