الجمعة، 20 أبريل 2012

أصدقائي ,,


أصدقائي ,,


أشعر بعض الأحيان بكرهي الشديد للسياسة وكذلك الإعلام ! فكلما جلستُ أذاكر وأقارن بين ما أدرسه وبين الواقع يتجسد لي النفاق بين السطور .. تتسرب إلى داخلي فوضى هذا العالم الذي سرعان ما تخلى عن إنسانيته وجماله . وكلما تعرضت لهجمة شرسة في الجامعة لا أقوى على تحملها أعاتب والدي فهو صاحب اللمسات السحرية على قلبي ..رباني على الحب ولم يعلمني قط كيف أكره , غرس في داخلي الصراحة واقتلع كل جذور النفاق  .. وكلما شعرتُ بأنهما يحاولان الهروب من قلبي نظرتُ إلى عينيه لعلني أعود إلى رشدي .. فلن أكره ولن أنافق !

حولت هذه الطاقة السلبية إلى إيجابية بالقراءة .. مازلتُ في فترة الامتحانات. ولأنني خرجتُ من آخر محاضرة للاتصال السياسي مجروحة كوني أنتمي لطائفة معينة ليس باستطاعتها التعبير عن رأيها بكل حرية تقاعست عن المذاكرة والكلام أيضاً . وجدتُ الحل الأمثل لذلك تخصيص أكبر وقت ممكن للجلوس مع أصدقائي من الكتب , فكنتُ أذاكر من الصباح الباكر حتى المساء لأبدأ مشوار القراءة عند منتصف الليل حتى أذان الفجر .. بدأت بقراءة أربعة كتب منوعة أولها للكاتب ياسر حارب ( بيكاسو وستاربكس ) في كل صفحة من هذا الكتاب خرجت بفائدة فهو كتاب جدير بالقراءة والتمعن انتهيت منه فجر اليوم وأفكر في إعادة قراءته مرة أخرى , بالإضافة إلى ذلك أنا في الصفحات الأخيرة من كتاب الصحافي المصري مؤمن المحمدي ( سنة أولى ثورة ) يحكي فيه يومياته مع الثورة المصرية .. لا أخفيكم سراً كلما قرأت وصفه الدقيق تذكرت دوار اللؤلؤة .اكتشفت بأن كل الأحداث شبيه ببعضها البعض .. فعلى سبيل المثال عندما هجم البلطجية على الأحياء المصرية قام الأهالي بتشكيل اللجان الشعبية - وهي عبارة عن مجموعة من الشباب تقوم بحراسة الأحياء والمنازل-  سأخصص جزء من حكايتي لتسليط الضوء على ذكريات المحمدي بعد انتهائي منه .

الكتاب الثالث مازلتُ في منتصفه يحمل عنوان ( الحذاء رقم 10) للكاتب علي القحيص يتحدث فيه عن حادثة  رشق الحذاء الذي تعرض له بوش على يد الصحافي العراقي منتظر الزيدي .. كلما قرأت جزء منه تمنيت لو أن أحد الصحافين يرشق أغبى السياسيين عندنا بحذائه لعله يصحو  من سباته العميق ! الكتاب الأخير هو ( ذاكرتي على جبهات عراقية ) للمراسل الصحفي عبدالله شمس الدين  مازلتُ في بدايته ويبدو ممتع .أعتقد بأن الليلة أو ليلة غد ستكون آخر ليالي السهر مع الكتب .. فأنا على موعد مع امتحانات ومشاريع نهائية تحتاج مني التركيز وتغيير موجة القراءة إلى كتب أعمق بكثير من هذه .

كنتُ قبل قليل في البحرين أذاكر دروسي استعداداً للامتحانات .. فجأة شعرتُ بأني في فلسطين ! لم أكن نائمة .. قلتُ بأنني  كنتُ أذاكر للامتحانات فقط !! جنون القمع يزداد في كل خميس وجمعة وهذا الأسبوع سيستمر إلى الأحد ... الشعب على موعد مع مرحلة تبدو أصعب وأطول .. الفورمولا هذه المرة لم تطرق أبواب حلبة البحرين بل طرقت قلوب الشعب  المُتعبة بعد عامٍ مثخن بالجراح !

تصبحون على خير ..

الاثنين، 2 أبريل 2012

أبريل .. تنحى من فضلك !


أبريل .. تنحى من فضلك !

مزاجي لا يسمح لي بالمذاكرة استعداداً للامتحانات .. أفكر في نهاية إضراب الحقوقي عبد الهادي الخواجة و جثة الشهيد الإعلامي أحمد إسماعيل وذكرى إيقاف صحيفة الوسط ومقتل الشهيد عبد الكريم فخراوي وووو ..يا ترى ما الذي سيحدث مع تسارع الأحداث واشتداد خطورتها ؟؟
نحن نحتاج لوقت طويل حتى ننسى ونرمم جراحنا . و شهر أبريل يحمل أوجاع الكثيرين منا .. كم هو تعيس , تعيس جداً .. يلتفُ حول رقابنا كما تلتف أفعى الكوبرا حول رقاب ضحاياها ليخنقنا ..
أنظر للماضي لا أجده يختلف عن حاضرنا إلا بكلمة واحدة جامعة لكل معاني الثبات ( صمود) جمعتنا طوال هذا العام وصارت تسند ظهورنا إلى جذعها كلما فقدنا حبيباً أو عزيزاً مع الأيام . لم يعد شعب البحرين ينظر للحرية من خلف القضبان بل صار يكسرها ليخرج بحثاً عنها , وما عاد هذا الشعب يخشى الموت .. يكفي أنه تحرر من عبوديته للخوف . الجميل في العام المنصرم من عمر ثورتنا اللؤلؤية  صبرنا ورؤيتنا للمصائب على أنها ضيف ثقيل سرعان ما سيذهب من حيث أتى  مع مرور الأيام ..
أصبحنا أكثر وعياً من ذي قبل .. لذلك لا أعتقد بأن هناك أحد فينا يفكر في نفسه ولا يفكر في غيره ..فكيف لنا أن ننسى رمزاً كالخواجة روحه الوطن ؟ لذلك أقول لشهر أبريل .. إن كنت تعتقد بأن أحداثك تقتل عزيمتنا تنحى من فضلك !

الجمعة، 23 مارس 2012

كل مارس و نحن بخير ..


كل مارس و نحن بخير ..

إلى أمي وليالي السهر والعناء

 إلى عيوني التي أرى بها كل جمال الدنيا رغم سوادها 

إلى قلبها الكبير ..

احتفلنا بأمهاتنا في العائلة لأول مرة بعد رحيل والدي .. كان معنا , شاركنا ضحكنا وحديثنا وأمانينا .. شعرت بيديه تمر على قلبي , تمده بالأمل ..

ولأننا في بلد أشبه بفلسطين .. تجوب شوارعه المدرعات صباحاً ومساء .. انتهت حفلتنا مساء اليوم على أصوات القمع العنيف !

كل مارس ونحن بخير رغم أنوف المرتزقة :)

الاثنين، 12 مارس 2012

حكاية 14 فبراير ( 5 ) : 13 مارس .. يوم الطائفية الدامي !



حكاية 14 فبراير ( 5 ) :

13 مارس .. يوم الطائفية الدامي !


منذ فترة طويلة وأنا أحلم بوقت أتفرغ فيه لكتابة ما يجول بخاطري واليوم وجدت الفرصة  .. عدتُ من الجامعة مبكراً - بعد محاولاتي الفاشلة في التواصل مع دكتورة الاتصال السياسي بعد اتصالي بها أكثر من مرة إذ أن هاتفها كان مغلقًا -  .لأعلم فيما بعد بأنها اعتذرت عن محاضرة اليوم .. وجدتها فرصة سانحة في الذهاب إلى كوستا  لإتمام بعض الأمور المهمة . جلستُ أدون أفكاري وأعيد قراءتها ,فشردت إلى محاضرة اللغة الإعلامية .. كيف يتجرأ البعض على إهانة فئة كبيرة من المجتمع في كل محاضرة بوصفنا ( بالمخربين والخارجين عن القانون ) ؟
لي زميلة تتفنن في كتابة مقالاتها , وتتفنن أكثر في شتمنا من خلالها بلباقة ؛ ويشجعها الدكتور على ذلك بطريقة أو بأخرى ,فعندما تنسب إلينا الخيانة والتمرد والحقد يقول لها الدكتور مشجعاً ما تكتبه " مفرداتك قوية جداً " !عجبي .. ألا يوجد مفردات أكثر قوة وتأثير كالحب والأمانة والوفاء و التسامح والصدق , هذه المفردات يا دكتوري تخرج من القلب لتدخل القلب مباشرة !

اعتدنا على هذه الصفعات في كل محاضرة منذ الثورة وحتى الآن .. عادت بي ذاكرتي إلى الفصل الأكثر ألماً علينا جميعاً بعد حادثة الجامعة المؤلمة في مارس 2011 ,فقد تعرضنا لمضايقات كثيرة سواء من الطلبة أو الأساتذة ,وحتى الفصل الدراسي الماضي رغم أن موادي كان ممتعة جداً لكنها تحتاج لمجموعة من الزملاء يبادلونني الاحترام والثقة وهذا مالم أجده .. درست أكثر المقررات شقاءًا وعناء و عملت على إنجاز مشروعي النهائي بمفردي ,فقد كان عبارة عن إنتاج ( فيلم وثائقي ) ..قمتُ بكتابته وتصويره وإخراجه بمفردي ولا أنكر مساعدة بعض الزملاء وقت فراغهم .. كنتُ أحمل هماً في قلبي . أجلس في كل ليلة أفكر في كيفية تصوير لقطاته .. حجز الاستيديو .. اختيار الشخصية .. إعداد الأسئلة .. المونتاج .. الإخراج .. الشكل النهائي .. والأصعب من كل هذا .. بعد أن اخترت شخصية الفيلم واتفقت معها رُفض  اسمها !
طُلب مني بعدها اختيار 3 شخصيات للاحتياط وجميعهم رفضوا لأنهم (  خونة )!  يتحدثون لهجتي ويدافعون عن حقوقي .. قيل لي ابتعدي عن السياسة ,فاخترت شخصية ثقافية .. فقالوا لسلامتكِ اختاري شخصية أخرى .. فاخترت شخصية رياضية و رُفضت أيضاً .. أذكر يومها لم أتمالك نفسي .. بقي أسبوع عن موعد التسليم وكل الأسماء المطروحة تم رفضها !!
و لولا توفيق الله لم أنجز هذا المشروع المُتعب مع أحد زملاء الدراسة وهو مذيع بعدة قنوات . كلما شاهدتُ فيلمي  اغرورقت عيناي بالدموع .. ليس لأنه رائع ولكنني أتنفس فيه  دخان الطائفية الخانق .. أذكر معاملتهم .. أذكر حُلمي في إنجازه بشكل أجمل وأقوى .. أذكر فيه كلامهم القاسي .. أذكر زميلاتي من الطائفة السنية .. يمرون بلا سلام ولا كلام ..كم كانت أيامنا جميلة معهم رغم كل شيء !وكم أحنُ إلى ذلك !!

غداً سيحتفل البعض على جثث الشهداء من جديد , وسيبكي البعض على ذكرى مؤلمة عاشوها بتفاصيلها .. غداً في الجامعة سنذكر زملاء كانوا معنا يرون , و يسمعون , و يتكلمون , و يتحركون .. لكنهم  بعد 13 مارس 2011 (يوم الهجوم على الجامعة ) ما عادوا يتحركون مثلنا إما لأنهم في السجون أو لأن الإعاقة قضت على مستقبلهم وآمالهم ..

غداً ستدق أجراس ذاكرتي عند السابعة صباحاً .. كانت درجة حرارتي مرتفعة جداً .. جاءني اتصال ليخبرني بالهجوم على المرفأ المالي عند الدوار .. تحديت المرض وذهبت .. رأيت العديد من الجرحى والمصابين .. ليأتيني اتصال آخر من زميلتي بالجامعة تطلب مني الحضور والمشاركة في المسيرة التي جالت أرجاء الجامعة  فاعتذرت .. اتصلت بي مرة أخرى  بعد وقتٍ قصير لتخبرني بالهجوم على الجامعة .. كنتُ معها عبر الهاتف أسمع صوت الصراخ والبكاء .. لم يكتفوا بقتل وضرب وسجن الطلبة .. بل دمروا أجمل العلاقات الاجتماعية وأقواها .. صدى صوت هذا الشعار يزلزل كياني بعد عامٍ من الثورة وبعد عامٍ من دخول درع الجزيرة , وبعد عامٍ من الهجوم على الجامعة " أخوان سنة وشيعة هذا الوطن مانبيعه " !


ملاحظة :

·         هذه المرة لم أكتب الأحداث بتسلسل .. لكنني سأعود لأسرد بقية تفاصيل فبراير 2011 إن شاء الله .

·         الصورة المرفقة التقطها يوم الهجوم على المرفأ المالي وهو يوم الهجوم على جامعة البحرين أيضاً 13 مارس 2011 .

 

السبت، 10 مارس 2012

لو أنه يحبنا فقط كما نُحبه !




لو أنه يحبنا فقط كما نُحبه !

الأحداث الماضية كثيرة ومعقدة .. كلها على بعضها أوجاع وأوهام وآلام .. سقط قناع الدنيا وما عدنا بحاجة للعبة الوقت .. لن أنتظر حبات الرمل تعد لي أيامي ..

لا ثقة في الناس و لا  في العالم .. صدقوني سيأتي ذلك اليوم الذي يأخذ الله بثأر كل مظلوم .. أقف مدهوشة وأنا أقرأ عن قدرة الله في جبر القلوب المكسورة .. لا يهم بماذا كُسرت .. بكلمة أو بحركة أو بموقف لا إنساني .. المهم أن الله منتقم جبار ..



....

كم ظُلمنا ..وكم تعذبنا ؟ وكم بكينا على عمر مضى منا بلا رجعة ؟وكم تألمنا لأننا جُرحنا ولم يكن هناك من يداوي جراحنا إلا الله ؟

هذا كله لا يهم أمام شابٍ لم يتعرف على مستقبله بعد .. لم يُكمل رسم أحلامه .. لم يُلون جدار آماله .. خطفه الموت سريعاً وذهب بلا رجعة !

كنتُ سأتحدث عن مسيرة أمس الجمعة  9  مارس  .. لكنني مشغولة بالتفكير في عُمر  ( فاضل ) ..

لو أن هذا الوطن يحبنا كما نحبه , ويعشقنا كما نعشقه ويتمنى لنا الخير كما نتمنى له .. لمنح فاضل وعلي الشيخ  و سيد أحمد وعباس ومحمد يعقوب والحاج عيسى وعلي بداح  ومحمود وعلي المؤمن  وووو .. لمنحهم عمرًا يكفيهم لترميم جراحه !

الخميس، 16 فبراير 2012

حكاية 14 فبراير (4) : 16 فبراير .. بوابة الخميس الدامي !


حكاية 14 فبراير (4)
16 فبراير ..  بوابة الخميس الدامي !
اليوم : الأربعاء
التاريخ : 16 فبراير 2011
الوقت : 4:00 عصراً
المكان : دوار اللؤلؤة
في هذا اليوم بالتحديد عشت تفاصيلاً من نوعٍ آخر .. كان للحرية طعم غريب , لم أحدده إلا عند الفجر ! الساعة الرابعة عصراً تقترب لذا توجهتُ للدوار  ولا أذكر مع من توجهت .. ربما صديقتي ! لا لا تذكرت .. ذهبت وحيدة هذا اليوم !
وصلت .. لم أتوجه إلى حشيشه الأخضر بل اتجهت إلى جهة المركز الإعلامي , كنتُ أناظر الخيام المنصوبة من بعيد وأبحث عنها .. اضطررت للبحث عنها لمدة ربع ساعة ربما أو أقل فوجدتها .. نعم وجدتها ! كان باستقبالي عدد من الشباب عند المدخل , سألوني عن اسمي للتأكد من وجوده , بعدها أخبرني أحدهم بضرورة تحديد مهامي .. مالذي أستطيع فعله , وبعد أن حددت لنفسي تلك المهام .. بدأت  بتنفذيها ..
الطاولة مزدحمة جداً, والمكان صغير .. لذا فضلتُ الجلوس على الأرض وعند نخلة المركز الإعلامي بالتحديد ..  جلستُ لدقائق لأنجز مهامي بهدوء , فإذا بأحدهم يناديني ويطلب مني التوجه للطاولة رافضاً أن أجلس على الأرض , ومعه شخص آخر .. لفت انتباهي ..
لوهلة عدتُ إلى هناك .. إلى أدق التفاصيل وأجملها .. جمعينا شباب في مقتبل عمرنا ومن الطائفتين باختلاف ألوانهما السياسية .. لم نسأل بعضنا البعض من أنت ومن أي طائفة ؟ ومع أي جمعية سياسية ؟  كان همنا الوحيد هذا الوطن .. الأجواء عندنا هناك كانت ترقب وانتظار وقلق وتأمل .. أشبه بغرفة انتظار العمليات ! هناك .. تعلمتُ بأن حركة الحرف حين نخطأ في وضعها تساوي الرصاصة .. جمعينا كنا نتحدى الطائفية .. أعلنا قطع علاقتنا بأي وسيط حرفي أو لغوي قد يلسع ثورتنا ويشوه جمالها بغير قصد ..
عودة لهذا الزميل الذي طلب مني التوجه للطاولة , توجهت و وضعت جهازي لأكمل أعمالي .. وإذا بهاتفي يرن والمتصلة صديقتي - ورغم أنها تدرس الطب ولا علاقة لها بالإعلام - وجدتها فرصة لتتعرف على هذا العالم في الدوار ,فطلبت منها المجيء إلى هنا للتسجيل .. جاءت وبدأنا العمل سوياً ( الأجوااااء كانت جميلة جداً جداً  ) !
غابت الشمس وأطل القمر .. كم كان الدوار سعيداً حينها بأطيب شعب يسكنه ! دخل وقت الصلاة وانصرفنا من المركزالإعلامي إلى حشيشه لأداء صلاة المغرب انتهينا منها وعدنا لنكمل عملنا .. لم أشعر بالوقت ولم أشعر بالفوضى .. على يميني يجلس صحافي أجنبي وعلى يساري زملاء المركز هناك ..
انتبهتُ لساعتي وإذا  بها 11:5 دقائق  مساءًا ,  تلقيتُ حينها اتصال من والدتي أخبرتها بأنني سأعود للمنزل صباحاً برفقة جارتنا فأذنت لي بذلك .. لكن !
عند الساعة الواحدة والنصف فجراً شعرتُ بضيق غريب .. أغلقتُ جهازي و بقيتُ أتأمل وجوه زملائي .. فقررت أن أنصرف إلى المنزل وأعود عند الصباح .. سألتهم إن كانوا يحتاجون مني شيئاً ما قبل أن أذهب ,جمعيهم قالوا لا وشكروني  , فوقفت عند مدخل المركز .. كان هناك شيء ما يمنعني من الانصراف !
فجر 17 فبراير 2011 .. الخميس الدامي !
في طريق العودة إلى المنزل رافقتني صديقتي وشقيقتها .. عدتُ وإذا بشقيقي الصغير يحمل مع صديقه وسادة وفراش .. سألته إلى أين؟ فأجاب إلى الدوار .. انتبهتُ إلى الوسادة لأكتشف أنها وسادتي الصغيرة المفضلة ! ناظرني مبتسماً ووعدني بالاهتمام بها !

دخلت البيت لأتابع القنوات الإخبارية وبجانبي جهازي .. كانت الساعة تقترب إلى الثانية والنصف فجراً ..
دقائق وإذا بهاتف والدتي يرن , دخلتُ غرفتها وإذا بالمتصل شقيقي يطلب منها فتح باب المنزل  للشباب  فقد هجموا على الدوار !
عدتُ سريعاً للفيسبوك وإذا بالخبر ينتشر  .. لم أستطع كتابة شيء .. فأحدهم يصرخ في الشارع .. خرجنا سريعاً وإذا بجارتنا تصرخ بأعلى صوت " هجموا على الدوار أولادنا ماتوا !" كنا نسمع أصوات الطلق بوضوح شديد لقرب الدوار لمنطقتنا .. لحظات وإذا بمجموعة كبيرة من الشباب يركضون في أزقة القرية .. كانت جارتنا هذه تطلب من أهالي القرية فتح بيوتهم .. خرجنا إلى الشارع جميعاً نطلب من الشباب الدخول إلى منازلنا .. كان بعضهم يبكي بصوت مرتفع .. أحدهم كان يقول " قتلوا الشباب .. واجد شباب نايمين ما قعدوا " والآخر يقول " غدروا فينا " وغيرهما يصرخ بأعلى صوت " جهال ونسوان هذلين وين بروحون " !
حاولت الاتصال بزملائي في المركز الإعلامي كون الخيمة الإعلامية تقع أسفل  الجسر مباشرة .. لا جواب !!
اقتحمت قوات الشغب القرية وأشرقت الشمس بحزنها و لوعتها .. انتشرت رائحة الدم وهجرت الأفراح قلب كل بحراني .. سقط الشهداء وتناثرت أحلامهم .. نزفت آمال الجرحى وبكت عيون الأمهات آهات وأحزان .. صراخ وتكسير وصفارات انذار و أوجاع وهناك على حشيش الدوار بقت ذكرياتنا المنصوبة في كل بقعة .. وأظن بأن اللؤلؤة وقفت حائرة أمام هذا الفجر الدامي ! توقظ من ؟وتحتضن من؟ وتضمد جراح من ؟وتخفف آلام من ؟وتمسح دموع من ؟!
حصل موقف أمامي عند الساعة السابعة صباحاً حين جاءت إحدى الأمهات إلى منزلنا لابنها الذي لا يتجاوز الرابعة عشر من عمره وضمته إلى صدرها وهي تجهش بالبكاء وتقول " ما خفت عليك يا ولدي بس خفت على باقي الشباب الي ماتوا والي انجرحوا .. أشم ريحتهم فيك " !
كان خميساً دامياً كما سمته صحيفة الوسط .. لازلت أحتفظ بالكثير من تفاصيله .. سأعود لأسردها لكم .. فقد اكتشفت بأن ذلك الشاب الذي لفت انتباهي بطريقة كلامه في المركز الإعلامي هو نفسه الشهيد محمود أبو تاكي الذي كان يجلس معي على نفس الطاولة !
في خاطري  ألف حكاية وفي عيوني ألف دمعة .. أذكر آخر لحظاتي هناك .. قلتُ لزملائي " تصبحون على خير سأعود لكم عند الصباح الباكر .. هذا وعد مني "
لم أفِ بوعدي لهم , ولم أشاركهم نزف الجراح .. أذكر وجه محمود وصديقه .. أذكرهما جيداً كانا لا يفترقان طوال هذه العشر الساعات .. أذكر صوته وكلامه وأذكر أنه شاب مثلي يحمل على ظهره ألف حلم وأمنية ..ليهديها الوطن .. الوطن يا عالم يا ناس .. الوطن !
تصبحون على فجر 17 فبراير 2012 لا يشبه فجر مجزرة 17 فبراير 2011 ..
تصبحون على جمعة لا تشبه ذلك الخميس !
16 فبراير 2012 – الخميس
11:23 مساءًا

ملاحظة : هذه الصورة التقطتها بدوار اللؤلؤة مساء الأربعاء الموافق 16 فبراير 2011 .

الاثنين، 13 فبراير 2012

14 فبراير .. كل عامٍ و شعب اللؤلؤ حُر !


14 فبراير .. كل عامٍ و شعب اللؤلؤ حُر !
نحن شعب أعزل مسالم .. ينهض سريعاً في كل صباح .. لا يتناول المربى ولا قطع الجبن ولا حتى قهوته المرة .. ينتظره الشارع ليتأمل وجوه المارين من الغرب والشرق .. يخترق نظره العالم الآخر لهم .. لِمَ يتجاهلونه ويبحثون عن قضية أخرى يتناولونها مع قهوتهم الصباحية؟؟!
ينتفضون لأجل قطة اختنقت في مخزن أحدهم أو لأجل كلبٍ دُهس بغير قصدٍ من أحدهم .. يدافعون عن حقوق الحيوان ؟ ويتبنون قضايا الإنسان في الغابات .. يجددون العهد مع مغامرات علي بابا والأربعين حرامي ويتنافسون في كشف هوية ماوكلي .. ينشدون أغنية سنان .. ويعتبرون زورو رمزاً للعدالة .. يجسدون في أفلامهم الإنسان ويطالبون بحقوقه  .. يتفاخرون بدميقراطيتهم .. وعندما يأتي الحديث عن أصغر الجزر و أعظمها يصمتون وإن تحدثوا قالوا " عودوا لجارتها السعودية !"
لا حكاية ولا تاريخ بعد الآن يشبهها .. حكايتها لم تبدأ في 14 فبراير فقط ولن تنته في 14 فبراير .. ستسمر .. هكذا ستضمن أنها ستحصل على الحرية المنشودة وإن تطلب ذلك الموت لها ..
جهاتها الأربع ( الشهادة ) .. قراها ( صمود) .. مبانيها ( ثبات ) آلامها ( آمال ) أحزانها ( أفراح ) .. والقمع فيها حب وعشق وتعلق بالرصاص !
هكذا تحتفل بعيد الحب .. و لذا أقول لمن سيحتفل به عند الساعة الثانية عشر بعد منتصف الليل " تذكر عروس اسمها بحرين .. قلبت كل معادلات الحب فصار الحب أن تُهدي حياتكَ لمن تُحب وأنت مبتسم " !
هي أهدتنا أنفسنا فلِم لا نهديها ما تريد ؟؟
لا حب بعد اليوم إلا للوطن ولا وطن بعد اليوم إلا للحب ..
كل عام و أنتم أحرار يا شعب اللؤلؤ والمحار ..
13 فبراير 2012
11:14 مساءًا